وحينئذ يكون واردا في محل الحاجة وتكون فائدته بالنسبة إلى كون ذلك الحكم شرعيا فائدة تأسيسية كما في الناقل فلم يكن الحمل على أنه ورد بعد الناقل أولى من الحمل على أنه ورد قبله بل هذا أولى، لأنهما اشتركا في إثبات الفائدة التأسيسية وزاد هذا على الاحتمال الأول بقلة النسخ.
سلمنا عدم حصول الفائدة التأسيسية من المقرر على "تقدير" تقدمه لكن
لا يعارض هذا مفسدة زيادة النسخ فكان تقديم الناقل أولى.
فإن قلت: كلامكم في الدلالة من الجانبين يشعر بأن العمل الناقل أو المقرر على اختلاف المذهبين من باب الناسخ " فهل هو من بابه، أو من باب الترجيح؟ وبتقدير أن يكون من باب الناسخ" كيف أوردتموه في باب الترجيح فإن العمل بالناسخ ليس من باب الترجيح؟
قلت: قال القاضي عبد الجبار: أنه ليس من باب الترجيح، واستدل عليه بوجهيها:
الأول: أنا نعمل بالناقل على أنه ناسخ، والعمل بالناسخ ليس من باب الترجيح.
الثاني: أن العمل بالناقل لو كان من باب الترجيح لوجب أن يعمل بالخبر الآخر لولاه، لأن هذا حكم كل خبرين رجح أحدهما على الآخر، ومعلوم أنه لولا الخبر الناقل لكنا إنما نحكم بحكم الأصل لدلالة العقل لا لأجل الخبر.