وما هو مذبوح فهو كذلك لم يتحقق فيه الموت غاية ما يقال: إن الموجب لحرمته ليس هو كونه ميتا بل كونه مشتبهًا بالميت وهو حاصل فيه، وكذا ليس الموجب لحرمته هو كونه ميتًا بل كونه مشكوكًا فيه غير معلوم الحال وهو حاصل فيه، وهو بعينه حاصل فيما نحن فيه فإن الموجب لحرمته هو كونه مقولا فيه بالحرمة، والموجب لإباحته هو كونه مقولاً فيه بالإباحة، وهذان الوصفان حاصلان فيه حسب حصوله في غيره فلم يظهر فرق بينه وبينما حصل فيه جهتا الحل والحرمة.
وثانيها: ما روى عن عثمان- رضى الله عنه- أنه قال في الأختين المملوكتين:"أحلتمها آية، وحرمتهما آية، والتحريم أولى" واشتهر ذلك عنه وشاع ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعًا. وثالثها: أن من طلق إحدى نسائه، ونسيها يحرم عليه وطء جميع نسائه، وكذلك لو أعتق إحدى إمائه، وكذا لو اشتبهت المنكوحة بالأجنبية أو المحرم لها، أو المذبوحة بالميتة، ففي هذه الصور كلها تغلب الحرمة على الحل، فكذا ما نحن فيه بجامع أن تغليب الحرمة على الحل يدفع ضرر خوف العقاب عن النفس.
ورابعها: أنه متردد بين أن يرتكب المحرم، أو يترك المباح، فكان ترك المباح أولى احتياطا وترجيحا لدفع المفسدة على غيره فإنه قد يترجح على تحصيل المصلحة فكيف لا يترجح على ما لا مصلحة في فعله ولا في تركه، وأما المفسدة الناشئة من الاعتقاد فمشترك، فإن بتقدير أن يعتقد الإباحة وهو