محرم كان اعتقاده جهلاً، كما أنه لو اعتقد التحريم وهو مباح كان جهلاً. واحتج الذي رجح الإباحة على التحريم بوجهين:
أحدهما: أنه لو عمل بما مقتضاه الإباحة لم يلزم منه فوات مقصود الحظر فيما يتعلق بالامتناع عنه، لأن الغالب أنه إن كان مباحًا فلابد وأن يكون لمفسدة ظاهرة، وعند ذلك فالغالب اطلاع المكلف عليه وامتناعه عنه؛ لأنه قادر على الامتناع عنه، والداعي إليه موجود لاطلاعه على ما فيه من المفسدة فيبعد لزوم المحذور ويحصل ما هو المقصود منه وهو الامتناع عنه، ولو عمل بما مقتضاه التحريم لزم منه فوات مقصود الإباحة فيما يتعلق بجواز فعله وتركه لأنه حينئذ لم يقدم عليه لان رأى في فعله ما يدعوه إليه فحينئذ يفوت المقصود.
وجوابه: أنه مبنى على وجوب تعليل الأحكام ورعاية المصالح وهو باطل عندنا.
سلمناه لكنه متناقض لأنه لا يعمل بما مقتضاه الإباحة إلا وليس في الفعل مفسدة ظاهرة موجبة للتحريم، لأن بتقدير أن يكون كذلك لا يجوز الحكم بكونه مباحا فبتقدير مفسدة ظاهرة فيه على تقدير كونه مباحا في نفس الأمر متناقض.
وثانيهما: أن الإباحة تستفاد من التخيير قطعا بخلاف استفادة الحرمة من النهى لتردده بين الحرمة والكراهة فكان الأول أولى لعدم الإجمال.
وهو ضعيف، لأنه ليس من ضرورة الحرمة أن تكون مستفادة من النهي،