بل جاز أن تكون مستفادة من صراحة لفظ التحريم والحظر وغيرهما من الألفاظ التي لا إجمال فيها.
ورابعها: إذا تعارض خبران في إثبات الحظر والكراهة، أو الندب
" أو الوجوب فخبر الحظر أولى، أما بالنسبة إلى خبر الكراهة والندب فظاهر، وأما بالنسبة إلى خبر الوجوب فذلك لوجهين:
أحدهما: أن الوجوب يعتمد على تحصيل المصلحة، والتحريم يعتمد على دفع المفسدة، واهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفسدة أكثر وأتم من تحصيل المصالح، ولهذا فإن الدواعي تنبعث لدفع المفسدة وإن كانت قليلة، ولا تنبعث لتحصيل المصلحة إلا إذا كانت معتبرة.
وأيضًا: فإن الشارع رتب من العقوبات والزواجر على فعل المحرم ما لا يترتبه على ترك الواجب، فإن الرجم والقتل مرتب على زنا المحصن والقتل العمد والعدوان والجلد والتغريب مرتب على الزنا، وقطع اليد على السرقة، ولم يترتب مثله على ترك الحج والصوم والزكاة، نعم القتل مرتب على ترك الصلاة على مذهب الإمام الشافعي- رضى الله عنه- على خلاف قياس سائر الفرائض للنص وهو نادر، وإذا كان كذلك كان ترجيح خبر الحظر أولى. وثانيهما: أن ما هو المقصود من التحريم يحصل بالترك بسهولة من غير كلفة عمل ومن غير قصد، بخلاف ما هو المقصود من الواجب فإنه لا يحصل إلا بكلفة العمل والقصد، ولهذا كان تحريم الشيء يقتضى الامتناع عنه دائما بخلاف إيجابه فإنه لا يقتضى فعله دائما، وإذا كان كذلك كلان المصير إلى الأخذ بما يقتضى التحريم أولى لنفى الحرج والمشقة، ولكونه أفضى إلى حصول مقصود الشارع.
وخامسها: إذا تعارض خبران وأحدهما يقتضي الوجوب، والآخر يقتضي