ولقائل أن يقول: الأمر باتباعه إنما يكون بعد أن يقر عليه، فأما قبله فلا يتصور ذلك. إذ المعنى منه أنه لا يقر عليه بحيث إن / (٢٩٨/ أ) يحكم به وبشرعه بل ينبه عليه قبل ذلك والخصم لا يجوز أن يقر عليه فلم ينتهض ما ذكره دليلاً عليه.
واحتج على ذلك أيضًا: بأن مجموع الأمة معصومة عن الخطأ في اجتهادها فكذلك النبي عليه السلام بل بالطريق الأولى؟ لأن عصمتهم مستفادة من عصمته- عليه السلام-، ولأنه أكرم عند الله تعالى منهم.
وفيه أيضًا نظر؛ من حيث إن ذلك إنما لا يجوز لأن الأمة لو أخطأت لم يمكن أن يقال: إنهم لا يقرون على ذلك لانقطاع الوحى بعد الرسول عليه السلام فيفضى ذلك إلى أن يبقى الخطأ شرعًا دائمًا، وليس كذلك في حق الرسول- عليه السلام-، فإنه إذا اتفق ذلك منه- عليه السلام- نبه عليه بالتنزيل والوحي فافترقا.
واحتج الخصم بوجوه:
أحدها: قوله تعالى: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} والعفو لا يكون إلا عن خطأ.
وجوابه: أنا لا نسلم أن ذلك كان عن اجتهاد.
سلمناه لكن ذلك في أمر الأمراء والحروب والمصالح الدنيوية، والخصم ربما يجوز ذلك، فلم قلت: يجوز مثله في الأحكام؟