للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتثال أمر سيده ولم يزيدوا عليه شيئًا، فلو كان الوجوب مستفادًا من القرائن لما استحق هذا التعليل، بل كان ينبغي أن يقولوا: إنه أمره بقرينة دالة على الوجوب فلم يمتثل أمره، ولما لم يفعلوا هذا بل يعللون بمطلق ترك المأمور به علمنا أنه هو المنشأ لحسن ذمة ولتحسين عقابه.

وأما قوله: يحسن من العبد أن يستفهم من السيد أنه أمر وجوب أوامر ندب، ولو كان للوجوب فقط لما صح هذا.

قلنا: لا نسلم أنه لا يصح هذا الاستفهام على تقدير أنه للوجوب فقط، وهذا لأنه قد يستفهم عن مدلول اللفظ دفعًا للمجاز عنه لاسيما إذا كان كثير الاستعمال في المجاز، وستعرف ذلك في باب العموم إن شاء الله تعالى.

وعن الثاني: أن الشريعة إنما جاءت بوجوب طاعته لسيده فيما أوجب عليه سيده لا فيما ندبه إليه، ألا ترى أنه لو قال له: ندبتك إلى هذا لأمر، أو أولى لك أن تفعله؟ ويجوز لك أن تتركه، فإنه لا يجب عليه امتثاله، وأما أنه لا يجب عليه الامتثال إذا كان المأمور به معصية فذلك لا يدل على أنه إنما يذم، لأن الشريعة جاءت بوجوب طاعته مطلقًا.

وعن الثالث: بمنع الملازمة، وهذا لأن المندوب غير مأمور به على طريق الحقيقة عندنا.

ورابع عشرها: لو لم يكن الأمر للوجوب فقط لكان، إما أن يكون حقيقة فيه وفي غيره، أو يكون حقيقة في غيره فقط، أو لا يكون حقيقة فيه ولا في غيره، واللوازم بأسرها باطلة فالملزوم أيضًا كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>