واعلم أنه إن ذكر قوله - فإن السائل قد يقول: إلى آخره - دليلاً على أنه لا يلزم من الإيجاب الوجوب فقط فهو حسن، لكنه لم يسند قوله، فإن السؤال عندنا يدل على الإيجاب إلى شيء.
وإن ذكر ذلك دليلاً على مجموع الأمرين، وهو أن السؤال يدل على الإيجاب، وأنه لا يلزم من الإيجاب الوجوب فمعلوم أنه لا يفيد، لأنه لا يلزم من الإيجاب تصريح السائل به الإيجاب بمطلق سؤاله.
وهذا كما أن أوجبت، وألزمت، وحتمت، يفيد الوجوب وفاقا، ولا يلزم منه أن يكون "افعل" على إطلاقه مفيدًا له.
ويمكن أن يجاب عنه بوجه آخر: وهو أن يقال: لم لا يجوز أن يكون الوجوب من لوازم الاستعلاء أو العلو المعتبرين، وحينئذ الافتراق فيه يستلزم الافتراق في الوجوب وعدمه.
وثالثها: أن المندوب داخل في الواجب بناء على أن المندوب، ما فعله خير من تركه، فحينئذ يكون كل واجب مندوبًا من غير عكس، فوجب جعل الأمر حقيقة في المندوب لكونه متيقنًا.