شيء بشيء كان اللازم ما ذكرتم، وهو أنه لا يكون له إشعار بأحد ذينك القسمين ألبتة، لكن لا نسلم: ذلك، وهذا لأنه عندنا دال على تعليقه بالمعلق عليه، بحيث كلما وجد المعلق عليه وجد المعلق فلم قلت: أنه ليس كذلك؟
قلت: الدليل على أنه ليس كذلك، هو أن كل واحد من أهل اللسان يجد التفرقة الضرورية بين قول القائل: إن قال فلان: "ح"، فقل:"ب"، وبين قوله: كلما قال فلان: "ح" فقل: "ب"، في أن الثاني يفيد التعميم والتكرير دون الأول، ولا يمكن إحالة ذلك إلى القرينة، فإن القرينة منتفية فيما ذكرنا من المثال، فلو كان الأول، بمعنى الثاني لم تكن التفرقة حاصلة بالضرورة.
وأما أنه لا يدل عليه بمعناه: فلأن المعني من الدلالة المعنوية هنا هي أن يستلزم مسمي اللفظ معنى آخر استلزامًا قطعيًا أو ظنيًا، واللفظ مستعمل في مسماه لكن تحققه يكون دالاً على تحقق ذلك المعني، لا أن بين معنى اللفظ وبين معنى آخر مناسبة معتبرة في التجوز فيستعمل اللفظ فيه، فإن ذلك مجاز خلاف الأصل لا حاجة لنا إلى نفيه، فإن النزاع ما وقع في أن اللفظ دال على التكرار على وجه التجوز إذا عرفت هذا.
فنقول: قد عرفت أن مسمي اللفظ، هو تعلق شيء بشيء، وهو أعم من تعليقه به في كل الصور أو في صورة واحدة، ومعلوم أن المفهوم العام لا يستلزم الخاص لا بطريق القطع ولا بطريق الظهور، فثبت أنه لا يدل عليه لا بلفظه ولا بمعناه فلم يدل عليه أصلاً.
ورابعها: أن الخبر المعلق بالشرط، أو الصفة، كقوله: زيد سيدخل الدار