منه عز وجل، وإليه يعود حكمه الذي هو العبادات من أداء الأوامر وانتهاء النواهي، لأجله تفعل وتترك، فالأحكام عائدة إليه عز وجل.
وقيل: منه بدء حكمًا، وإليه يعود علمًا، وهو كلام الله في صدور الحافظين وألسن الناطقين وفي أكف الكاتبين وملاحظة الناظرين ومصاحف أهل الإسلام وألواح الصبيان حيثما رؤى ووجد.
فمن زعم أنه مخلوق أو عبارته أو التلاوة غير المتلو، أو قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم، ولا يخالط ولا يؤاكل ولا يناكح ولا يجاور، بل يهجر ويهان، ولا يصلى خلفه، ولا تقبل شهادته، ولا تصح ولايته في نكاح وليه، ولا يصلى عليه إذا مات، فإن ظفر به استتيب ثلاثًا كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل.
سئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عمن قال: لفظي بالقرىن مخلوق فقال: كفر.
وقال رحمه الله فيمن قال: القرآن كلام الله ليس بمخلوق، والتلاوة مخلوقه، أو ألفاظنا بالقرآن مخلوقة: هو كافر.
وروى عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه سأل النبي- صلى الله عليه وسلم- عن القرآن فقال:((كلام الله غير مخلوق)).
وروى عن عبد الله بن عبد الغفار وكان مولى لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-، عتاقة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا ذكر القرآن فقولوا: كلام الله غير مخلوق، فمن قال مخلوق فهو كافر)).
وقال الله عز وجل:{ألا له الخلق والأمر}[العراف: ٥٤]، ففصل بين الخلق والأمر، فلو كان أمره الذي هو كن، الذي به يخلق الخلق مخلوقًا لكان ذلك تكرارًا وعيبًا لا فائدة فيه. كأنه قال: ألا له الخلق والخلق، والله عز وجل يتعالى عن ذلك.
وعن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم أنهما فسرا قوله عز وجل:{قرآنًا عربيًا غير ذي عوج}[الزمر: ٢٨] أنه غير مخلوق.
وقد هدد الله تعالى الوليد بن المغيرة المخزومي حين سمى القرآن قول البشر- بسقر فقال:{إن هذا إلا سحر يؤثر * إن هذا إلا قول البشر * سأصليه سقر}[المدثر: ٢٤ - ٢٦].