بالتسليم في القدر، وترك الاعتراض على الله عز وجل في فعله في خلقه، وترك الشك في وعده في الأقسام والرزق وفي الثقة به، والتوكل عليه، والخروج من الحول والقوة والصبر على البلاء والشكر على النعماء، والتنزيه للحق، وترك التهمة له عز وجل في سائر الأحوال، وأما بمجرد الصلاة والصوم فلا.
وسئل الإمام أحمد رحمه الله عن الإيمان أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ فقال: من قال إن الإيمان مخلوق فقد كفر؛ لأن في ذلك إيهامًا وتعريضًا بالقرآن، ومن قال إنه غير مخلوق فقد ابتدع؛ لأن في ذلك إيهام أن إماطة الأذى عن الطريق وأفعال الأركان غير مخلوقة فقد أنكر على الطائفتين.
وذكر في الحديث أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:((الإيمان بضع وسبعون خصلة، أفضلها قول: لا إله الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)).
وإنما كفر القائل بخلق القرآن، وبدع الآخر لأن مذهبه رحمه الله مبني على أن القرآن إذا لم ينطق بشيء ولم يرو في السنة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شيء فانقرض عصر الصحابة ولم ينقل أحد منهم قولًا، فالكلام فيه بدعة وحدث.
ولا يجوز للمؤمن أن يقول: أنا مؤمن حقًا، بل يجب أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، خلاف ما قالت المعتزلة إنه يجب أن يقول: أنا مؤمن حقًا.
وإنما قلنا ذلك لما روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من زعم أنه مؤمن فهو كافر.
وعن الحسن رضي الله عنه: أن رجلًا قال عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إني مؤمن.
فقيل لابن مسعود إن هذا يزعم أنه مؤمن قال: فاسألوه أفي الجنة هو أم هو في النار؟ فسألوه فقال: الله أعلم. فقال عبد الله: فهلا وكلت الأخرى كما وكلت الأولى.
ولأن المؤمن حقًا من هو عند الله تعالى مؤمن، وهو الذي يكون من أهل الجنة.
ولا يكون كذلك إلا بعد موافاته بالإيمان، ويختم له بذلك، ولا يعلم أحد بما يختم له.