ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ يعني محمدًا رسول الله، فهو قائل ما كان يقول، فإذا كان مؤمنًا قال هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، فيقولان إنا كنا لنعلم أنك تقول مثل ذلك. ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعًا في سبعين ذراعًا، وينور له فيه، ثم يقال له: نم. فيقول: دعوني أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقال له: نم كنومة العروس التي لا يوقظها إلا أحب أهلها إليها، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك.
وإن كان منافقًا قال: لا أدري كنت أسمع الناس يقولون شيئًا وكنت أقوله، فيقولان: إنا كنا نعلم أنك تقول ذلك، ثم يقال للأرض التئمي عليه، فتلتأم حتى يختلف فيها أضلاعه، فلا يزال فيها معذبًا حتى يبعثه الله -عز وجل- من مضجعه ذلك».
وتعلقوا أيضًا بما روى عطاء بن يسار قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «يا عمر كيف أنت إذا أعد لك من الأرض ثلاثة أذرع وشبر في عرض ذراع وشبر، ثم قام إليك أهلك فغسلوك وكفنوك وحنطوك، ثم حملوك حتى يغيبوك فيه، ثم يهيلوا عليك التراب، ثم انصرفوا عنك، وأتاك مُسائلا القبر منكر ونكير، أصواتهما مثل الرعد القاصف، وأبصارهما مثل البرق الخاطف قد سدلا شعورهما فتلتلاك وتوهلاك وقالا: من ربك وما دينك؟
قال: يا نبي الله أو يكون معي قلبي الذي هو معي اليوم؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: نعم. قال: إذًا أكفيكهما بإذن الله -عز وجل-».
وهذا دليل ونص على أن ذلك يكون بعد إعادة الروح، لأن عمر قال أو يكون قلبي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: نعم.
وعن المنهال بن عمرو عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-ما قال: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار وانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير من هيبته، وفي يده عود ينكت به الأرض فرفع رأسه وقال: أستعيذ بالله من عذاب القبر، مرتين أو ثلاث.
ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت