وأما خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فإنها كانت باستخلاف أبي بكر له -رضي الله عنه-، فانقادت الصحابة إلى بيعته وسموه أمير المؤمنين، فقال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: قالوا لأبي بكر -رضي الله عنه-: ما تقول لربك غدًا إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر وقد عرفت فظاظته؟ فقال: أقول استخلفت عليهم خير أهلك.
وأما خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فكانت أيضًا عن اتفاق الصحابة -رضي الله عنهم-، وذلك أن عمر -رضي الله عنه- أخرج أولاده عن الخلافة، وجعلها شورى بين ستة نفر، وهم طلحة، الزبير، سعد بن أبي وقاص، عثمان، علي، وعبد الرحمن ابن عوف، فأخرج طلحة، والزبير، وسعد أنفسهم منها، فبقيت بين علي، عثمان، وعبد الرحمن.
فقال عبد الرحمن لعلي وعثمان: أنا أختار أحدكما لله ورسوله وللمؤمنين، فأخذ بيد علي -رضي الله عنه- فقال: عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله إن أنا بايعتك لتنصحن لله ولرسوله وللمؤمنين، ولتسيرن بسيرة رسول الله وأبي بكر وعمر، فخاف علي ألا يقوى على ما قووا عليه فلم يجبه.
ثم أخذ بيد عثمان فقال له مثل ما قال لعلي، فأجابه عثمان على ذلك، فمسح يد عثمان فبايعه، وبايع علي -رضي الله عنه- معه، ثم بايع الناس أجمع.
فصار عثمان بن عفان خليفة من بين الستة باتفاق الكل.
فكان إمامًا حقًا إلى أن مات، ولم يوجد فيه أمر يوجب الطعن فيه ولا فسقه ولا قتله، خلاف ما قالت الروافض تبًا لهم.
وأما خلافة علي -رضي الله عنه- بعد عثمان فكانت عن اتفاق الجماعة وإجماع الصحابة، لما روي عن عبد الله بن بطة عن محمد بن الحنفية قال: كنت مع علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان محصورًا، فأتاه رجل فقال: إن أمير المؤمنين مقتول الساعة.
قال فقام علي -رضي الله عنه- فأخذت بوسطه تخوفًا عليه.
فقال: خل لا أم لك، قال فأتى على الدار وقد قتل عثمان -رضي الله عنه- فأتى داره فدخلها وأغلق بابه.