وعلمت ما لم تبلغ وتعلم يقول: جئتك بأمر لم يخبرك به الجن، ولم ينصحوك فيه، ولم تعلم به الإنس {وجئتك من سبأ}[النمل: ٢٢] يقول: من قرية سبأ {بنبأ يقين}[النمل: ٢٢] يعني بخبر عجيب لاشك فيه، فقال له سليمان: ما هو؟ فقال:{إني وجدت امرأة تملكهم}[النمل: ٢٣] يقال لها بلقيس بنت أبي السرح الحميرية {وأوتيت من كل شيء}[النمل: ٢٣] يقول: وأعطيت من كل شيء في بلادها اليمن وما والاها يعني: العلم والسلطان والمال والجنود وأنواع الخيل {ولها عرش عظيم}[النمل: ٢٣] يقول: سرير حسن، وكان طول عرشها في السماء ثلاثين ذراعًا وقيل في السماء ثمانون ذراعًا، وفي العرض ثمانون في ثمانين، مكللًا بأنواع الجواهر والدرر واللؤلؤ {وجدتها وقومها يسجدون للشمس}[النمل: ٢٤] يقول: يصلون للشمس {من دون الله}[النمل: ٢٤] دين المجوسية {وزين لهم الشيطان أعمالهم}[النمل: ٢٤] يعني حسنها لهم {فصدهم عن السبيل}[النمل: ٢٤] يعني أن الشيطان صدها وجنودها عن طريق الإسلام والهدى {فهم لا يهتدون}[النمل: ٢٤] يقول: لا يعرفون الإسلام {ألا يسجدوا لله}[النمل: ٢٥] يعني هلا يسجدوا لله {الذي يخرج الخبء}[النمل: ٢٥] يعني الغيب والسر {في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون}[النمل: ٢٥] بألسنتهم {الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم}[النمل: ٢٦] يعني بالعظيم العرش فـ {قال}[النمل: ٢٧] سليمان للهدهد: دلنا على الماء {سننظر}[النمل: ٢٧] فيما تقول: {أصدقت}[النمل: ٢٧] في مقالتك {أم كنت من الكاذبين}[النمل: ٢٧] فلما دلهم على الماء وشربوا واستكفوا دعا سليمان الهدهد وكتب معه كتابًا وختمه بخاتمه ودفعه إليه، ثم قال:{اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم}[النمل: ٢٨] يعني أهل سبأ {ثم تول عنهم}[النمل: ٢٨] يعني ارجع {فانظر ماذا يرجعون}[النمل: ٢٨] يعني ماذا يردون عليك من الجواب.
والذي كتب في الكتاب {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}[النمل: ٣٠] إنه من سليمان بن داود {ألا تعلوا علي}[النمل: ٣١] يعني ألا تعظموا على طاعتي {وائتوني مسلمين}[النمل: ٣١] يعني مصالحين: فإن كنتم من الجن فقد عبدتم لي، وإن كنتم من الإنس فعليكم السمع والطاعة، قال: فانطلق الهدهد بالكتاب حتى انتهى إليها ظهيرة وهي قائلة في قصرها قد غلقت عليها الأبواب، فلا يصل إليها شيء والحرس حول قصرها، وكان لها من قومها اثنا عشر ألف مقاتل، كل واحد منهم أمير على مائة ألف مقاتل، سوى نسائهم وذراريهم، وكانت تخرج إلى قومها تقضي بينهم في أمورهم