قال:«إنه ليغان على قلبي، وإني لاستغفر الله -عز وجل- في اليوم والليلة سبعين مرة».
وآدم -عليه السلام- لما أكل من الشجرة -القصة المشهورة- تطايرت الحلل عن جسده وبدت عورته وبقى التاج والأكليل على رأسه، فاستحيا أن يرتفعا عنه، فجاءه جبريل -عليه السلام- فأخذ التاج عن رأسه والإكليل عن جبينه، ونودي هو وحواء: أن اهبطا من جواري، فإنه لا يجاورني من عصاني، فالتفت إلى حواء بالحياء وقال لها: هذا أول شؤم المعصية أخرجنا من جوار الحبيب، فأحوجنا إلى التوبة والتضرع والافتقار والاستكانة والذلة من بعد عيش قار، ومن ذلك الملك العظيم والفضل الكبير والعز والدلال وارتفاع المنزلة في أشرف الأمكنة وأطهرها وآمنها وأقربها إلى الله تعالى.
فلو استغنى أحد عن التوبة وآمن من العدو وشؤم النفس ووسواس الشيطان ومكايده، واغتر بشرف المكان وطهارته والقرب إلى الله ودنو منزلته، لكان ذلك حقيقًا بآدم -عليه السلام-، فلم يستغن عن التوبة حتى تاب الله عليه لقوله -عز وجل-: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}[البقرة: ٣٧].
وروي عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- أنه قال: لما تاب الله على آدم -عليه السلام- هنته الملائكة فهبط جبريل -عليه السلام- وميكائيل ودردائيل -عليهم السلام- فقالوا: يا آدم قرت عيناك بتوبة الله عليك، فقال آدم -عليه السلام-: يا جبريل فإن كان بعد هذه التوبة سؤال فأين مقامي؟ فأوحى الله إليه: يا آدم ورثت ذريتك التعب والنصب، وورثتهم التوبة، فمن دعاني منهم لبيته كما لبيتك، ومن سألني منهم المغفرة لم أبخل عليه، لأني قريب مجيب يا آدم، وأحشر التائبين من القبور مستبشرين ضاحكين، ودعاؤهم مستجاب.
وكذلك نوح النبي -عليه السلام- الذي أغرق الله تعالى أهل الشرق والغرب بدعوته والغيرة على عرضه، ولتكذيبهم إياه وشدة غضبه عليهم لذلك، وهو آدم الثاني، لأن الخلق من ذريته على ما قيل إنه لم يتوالد من الذين كانوا معه في السفينة من الناس غير أولاده الثلاثة وهم سام وحام ويافث، فالخلق تشعبت منهم ومع هذه المنزلة قال: {رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من