يتلبس بشيء منه، فإن رأس المعاصي الحرام، وملاك الدين الحلال والتورع، وتصفية اللقمة، فكل ما ينشأ من الإنسان من خير وشر فمن اللقمة، فالحلال يورث الخير، والحرام يورث الشر، كالقدر إذا طبخ ما فيها واستكمل نضجه تبين الرائحة الفائحة عما فيها، كل إناء ينضح بما فيه، ويكثر مجالسة الفقهاء والعلماء بالله، ليستفيد منهم أمر دينه، ويعرفونه سلوك الطريق إلى الله تعالى، وحسن الأدب في طاعته، والقيام في أمره، وينبهونه على ما خفي عليه من أمر السلوك في طريقه، فلا بد لكل من سلك طريقًا لم يعرفه من دليل يدله، ومرشد يرشده، وهاد يهديه، وقائد يقوده، وستعمل الصدق في جميع ذلك، والإخلاص والجد في المجاهدة، قال الله تعالى:{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}[العنكبوت: ٩٦] فقد ضمن للمجد الصادق في المجاهدة في طريقه الهداية فإذا صدق في ذلك لا يعدم الهداية، لأن الله لا يخلف الميعاد، وليس بظلام للعبيد، وهو أرحم الراحمين، رءوف رحيم، لطيف بخلقه، بار ببريته، معين وموفق للمقبلين عليه، وداع للمدبرين المولين عنه بألطف الدعاء، يفرح بتوبتهم كالوالدة الشفيقة إذا قدم ولدها من سفره البعيد.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الله أفرح بنوبة أحدكم من رجل من بأرض دوية مهلكة ومعه راحلة عليها طعامه وشرابه وما يصلحه، فأضلها، فخرج في طلبها حتى كادت نفسه تخرج، فقال: أرجع إلى المكان الذي أضللتها فيه، فأموت فيه، فرجع إلى مكانه، فغلبته عينه، فغمضها لحظة، فاستيقظ فإذا راحلته عند رأسه عليها طعامه وشرابه".
قال على كرم الله وجهه: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وهو الصادق المصدوق قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من عبد أذنب ذنبًا فقام وتوضأ وصلى واستغفر الله من ذنبه، إلا كان حقًا على الله أن يغفر له" لأنه يقول جل وعلا: {ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}[النساء: ١١٠].
وأما الأموال الحاضرة المغصوبة، فليرد إلى المالك ما يعرف له مالكًا معينًا أو إلى ورثته على ما تقدم، وما لا يعرف له مالكًا معينًا فعليه أن يتصدق به عن صاحبه، فإن اختلط الحرام بالحلال، مثل اختلاط المغصوب بالإرث الحلال، حسب واجتهد في معرفة