ودخل الحسن البصري رحمه الله مكة، فرأى غلامًا من أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد أسند ظهره إلى الكعبة يعظ الناس فوقف عليه الحسن وقال له: ما ملاك الدين؟ فقال: الورع، فقال: ما آفة الدين؟ قال: الطمع، فتعجب الحسن منه.
وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: الورع ورعان، ورع فرض، وورع حذر، فورع الفرض: الكف عن كل معاصي الله، وورع الحذر: الكف عن الشبهات في محارم الله تعالى.
فورع العام من الحرام والشبهة، وهو كل ما كان للخلق عليه تبعة، وللشرع فيه مطالبه، وورع الخاص من كل ما كان فيه الهوى وللنفس فيه شهوة ولذة، وورع خاص الخاص من كل ما كان لهم فيه إرادة ورؤية.
فالعام يتورع في ترك الدنيا، والخاص يتورع في ترك الجنة العليا، وخاص الخاص يتورع في ترك ما سوى الذي خلق وبرأ.
قال يحيي بن معاذ الرازي رحمه الله: الورع على وجهين، ورع في الظاهر وهو ألا تتحرك إلا لله، وورع في الباطن، وهو ألا يدخل في قلبك سواء تبارك وتعالى.
وقال يحيي رحمه الله أيضًا: من لم ينظر في دقيق من الورع لم يحصل له شيء ولم يصل إلى الجليل من العطاء.
وقيل: من دق في الورع نظره جل في القيامة خطره.
وقيل: الورع في المنطق أشد منه في الذهب والفضة؛ والزهد في الرياسة أشد منه في الذهب والفضة، لأنك تبذلهما في طلب الرياسة.
وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله: الورع أول الزهد، كما أن القناعة طرف الرضا.
وقال أبو عثمان رحمه الله: ثواب الورع خفة الحساب.
وقال يحيي بن معاذ رحمه الله: من لم يصحبه الورع في فقره أكل الحرام النص.
وقال يونس بن عبيد الله رحمه الله: الورع الخروج من كل شبهة، ومحاسبة النفس