قال: فإذا تقار في بطونهم قطع أمعاءهم، فخرجت من مقاعدهم وجرى باقية في عروقهم، فذابت لحومهم، وتصدعت عظامهم وأدركتهم الملائكة فضربت وجوههم وأدبارهم ورؤوسهم بمقامعهم، لكل مقمع منها ثلاثمائة وستون حرفًا، فإذا ضربت بها رؤوسهم انقعلت جماجمهم وتكسرت أصلابهم، وسحبوا في النار على وجوههم حتى توسطوا جحيمها، فاشتعلت النار في جلودهم وتشعبت في آذانهم، فخرج لهبها من مناخرهم وأضلاعهم، وتفجر الصديد من أجسادهم، وخرجت أعينهم فتعلقت على خدودهم، ثم قرنوا مع شياطينهم الذين كانوا يطيعونهم، وآلهتهم التي كانت مستغاثهم، فألقوا في أماكن ضيقة مقرنين، فهتفوا بويلهم ثم جئ بأموالهم فأحميت في نارهم، فكويت بها جباهم وجنوبهم ووضعت على ظهورهم فخرجت من بطونهم، فهم أولياء جهنم وقرناء الشياطين والحجارة، وعلقوا بخطاياهم كالجبال ليشتد عليهم العذاب فطول أحدهم مسيرة شهر وعرضه مسيرة خمسة أيام وغلظه مسيرة ثلاث ليال ورأسه مثل الأقرع وهو جبل بأقصى الشام، في فيه اثنان وثلاثون نابًا، قد خرج بعضها من رأسه وبعضها من أسفل لحيته وأنفه مثل الرابية العظيمة، طول شعر رأسه وغلظه مثل شجرة الأرز وكثرته كآجام الدنيا، وشفته العليا قالصة، والسفلى تسعون ذراعًا، وطول يده مسيرة عشرة أيام وغلظها مسيرة يوم، وفخذه مثل ورقان وغلظ جلده أربعون ذراعًا بذراعه، وطول ساقه مسيرة خمس ليال وغلظها يوم، كل حدقة له مثل حراء، وهو جبل بمكة، إذا صب فوق رأسه القطران اشتعلت فيه النار، فلم تزدد إلا التهابًا.
قال: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: والذي نفسي بيده لو أن رجلًا خرج من النار يجر سلسلة مغلولة يداه إلى عنقه، في عنقه الأغلال وفي رجليه الكبول، ثم رآه الخلائق لانهزموا عنه وفروا منه كل مفر.
قال: فمن شدة حرها وغمها وألوان عذابها وضيق منازلها، اخضرت لحومهم وتصدعت عظامهم وغلت أدمغتهم ففارت على جلودهم، واحترقت جلودهم فغضت أوصالهم، فسال منها صديدهم، فتدودت أجسامهم وسمنت ديدانهم وصارت مثل حمر الوحش، لها أظافير مثل أظافير النسور والعقبان، تشتد ما بين جلدهم ولحمهم،