وتنهشهم، وتزفر زفرة، وتتردد كما يتردد الوحش المذعور، يأكلن لحمه ويشربن دمه، ليس لها مأكل ولا مشرب غيرها، ثم تأخذهن الملائكة فتسحبهم على وجوههم على الجمر والحجارة كأنها أسنة، مستعدين منطلقين بهم إلى بحر جهنم، مسيرة سبعين عامًا، فلا يبلغونه حتى تنقطع أوصالهم وتبدل جلودهم كل يوم سبعين ألف مرة، فإذا انتهى إلى خزنتها أخذوا بأرجلهم فدفعوهم فيه، فلا يعلم أحد قعر ذلك البحر إلا الذي خلقه.
وقد قيل: إنه مكتوب في بعض أسفار التوراة: أن بحر الدنيا عند بحر جهنم كعين صغيرة في ساحل بحر الدنيا.
قال: فإذا قذفوا فيه ووجدوا مس العذاب قال بعضهم لبعض: كأنما الذي عذبنا به قبل هذا حلم.
قال: فيغمسون مرة ويرتفعون ويغلى فتقذفهم سبعين باعًا، بعد كل باع كبعد المشرق من المغرب ثم تسوقهم الملائكة بمقامعهم، فيضربونهم بها ويردونهم إلى قعرها مسيرة سبعين عامًا، منها طعامهم وشرابهم فيرتفعون من قعرها مقدار أربعين ومائة عام فيريد أحدهم أن يتنفس، فتستقبله الملائكة بمقامعهم متبادرين إليه لضربه، غير أنه يذكر أنه إذا رفع رأسه وقع على رأسه سبعون ألف مقمع لا يخطئه شيء منها، فيرده سبعين عامًا في قعرها، كل باع منها كبعد المشرق من المغرب.
قال: فهم فيها ما شاء الله من ذلك، حتى تأكل لحومهم وعظامهم، وتبقى رواحهم، فيضربهم موجه سبعين عامًا، ثم تنبذهم إلى ساحل من سواحله فيه سبعون ألف مغارة، في جوف كل مغارة سبعون ألف شق، كل شق منها مسيرة سبعين عامًا، في جوف كل شق منها سبعون ألف ثعبان، طول كل ثعبان منها سبعون ذراعًا، لكل ثعبان منها سبعون نابًا، في كل ناب منها قلة سم، في شدق كل ثعبان منها ألف عقرب، لكل عقرب منها سبعون فقارة، في كل فقارة منها قلة من سم.
قال: فتخرج أرواحهم من ذلك البحر إلى تلك المغارة، فتجدد لهم أجساد وجلود، ويغلون في الحديد، فتخرج عليهم تلك الحيات والعقارب فتعلق في كل إنسان منهم سبعون ألف حية وسبعون ألف عقرب، فيصبرون، ثم ترتفع إلى ركبهم فيصبرون، ثم ترتفع إلى صدورهم فيصبرون، ثم ترتفع إلى تراقيهم فيصبرون، ثم ترتفع فتعلق