بمناخرهم وشفاههم وألسنتهم وآذانهم فيجزعون، وليس لهم مستغاث إلا أن يهربوا إلى جهنم، فيقعوا فيها.
فأما الحيات فتمضغ لحومهم وتنشف دماءهم، وأما العقارب فتلدغهم فتتساقط لحومهم وتقطع أوصالهم، فإذا وقعوا في النار مكثت النار سبعين عامًا لا تحرقهم من سم الحيات والعقارب.
قال: ثم تحرقهم النار سبعين عامًا، ثم تجدد لهم جلود غير جلودهم، ثم يستغيثون بالطعام، فتأتيهم الملائكة بطعام يقال له الوليمة، وهو أشد يبسًا من الحديد، فيمضغونه فلا يستطيعون أن يأكلوا منه شيئًا، فيلقونه من أفواههم ويبدأون بأيديهم من شدة الجوع، فيأكلون أناملهم ثم يأكلون أكفهم، فإذا أكلوها بدأوا بسواعدهم فأكلوها أيضًا إلى مرافقهم، ثم بدأوا بمرافقهم فأكلوها إلى مناكبهم، فتبقى رؤوس المناكب، ولو نالوا بعدها شيئًا من أجسادهم بأفواههم لأكلوه فإذا فعلوا ذلك بأجسادهم أخذوا فنوطوا بعراقيبهم بكلاليب من حديد على شجرة الزقوم.
قال: فنوط منهم سبعون ألفًا في شعبة واحدة فما تنحني، مصوبين على رؤوسهم، فيوقد تحتهم الحميم، فيستقبل حر النار وجوههم مقدار سبعين عامًا حتى تذوب أجسادهم وتبقى أرواحهم، ثم تجدد لهم جلود وأجساد، ثم يناطون بأناملهم ولهب النار من تحتهم، تدخل من مقاعدهم وتأكل من أفئدتهم حتى تخرج من مناخرهم وأفواههم ومسامعهم مقدار سبعين عامًا، حتى تذوب عظامهم ولحومهم وتبقى أرواحهم، ثم يتركون ويجدد لهم جلود وأجساد، ثم يناطون بأبصارهم مثلها، فلا يزالون يعذبون كذلك حتى لا يبقى مفصل في أجسادهم إلا نوطوا به مقدار سبعين عامًا، ولا تبقى شعرة في رؤوسهم إلا نوطوا بها، فيأتيهم الموت من مكان كل مفصل منهم، وما هم بميتين ومن ورائهم عذاب غليظ، فإذا فعل ذلك بهم كله أنزلوهم فانطلقوا بكل إنسان منهم إلى منزله مغلولًا بسلسلة مسحوبًا على وجهه.
قال: ولهم منازل فيها كقدر أعمالهم، فمنهم من يعطى منزلة مسيرة شهر طولها وعرضها مثل ذلك نار تتوقد لا ينزلها غيره.
ومنهم من يعطى منزلة مسيرة تسع وعشرين ليلة طولًا وعرضًا مثل ذلك، ثم كذلك تنتقص منازلهم وتضيق، حتى إن أحدهم ليعطى منزلة مسيرة يوم طولًا وعرضًا، ومن