للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو سعة منزلهم يعذبون.

فمنهم من يعذاب على القفا، ومنهم من يعذب جالسًا، ومنهم من يعذب جاثيًأ على ركبتيه، ومنهم من يعذب قائمًا على رجليه، ومنهم من يعذب منبطحًا على بطنه، فهذه المنازل كلها أضيق على أهلها من زج الرمح.

ومنهم من تكون ناره إلى كعبه، ومنهم من تكون ناره إلى ركبته، ومنهم من تكون ناره إلى حقويه، ومنهم من تكون ناره إلى سرته، ومنهم من تكون ناره إلى ترقوته، ومنهم من تكون ناره غرقًا، فمرة تعلو به ومرة تديره فتبلغه مسيرة شهر في قعرها.

فإذا وقعوا في منازلهم قرن كل منهم مع قرنائهم، فبكوا حتى تنزف دموعهم، ثم يبكون الدم بعدم الدموع، حتى لو أن السفن أرسلت إذا بكوا في دموعهم لجرت.

قال: ولهم يوم يجتمعون فيه في أصل الجحيم، ثم لا تكون جماعة أبدًا.

قال: فإذا أذن الله في ذلك اليوم نادى مناد في أصل الجحيم يسمع صوته أعلاهم وأسفلهم، وأدناهم وأقصاهم يقال له "حشر" يقول: يا أهل النار اجتمعوا، فيجتمعون أجمعون في أصل الجحيم، ومعهم الزبانية.

قال: فيأتمرون بينهم فيقول الذين استضعفوا {للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعًا} [إبراهيم: ٢١] في الدنيا {فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء} [إبراهيم: ٢١] {قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد} [غافر: ٤٨].

وقال الذين استكبروا للذين استضعفوا {لا مرحبًا بكم} [ص: ٦٠] بنا تستغيثون، قال الذين استضعفوا للذين استكبروا: {بل أنتم لا مرحبًا بكم أنتم قدمتوه لنا فبئس القرار} [ص: ٦٠].

وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا {ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابًا ضعفًا في النار} [ص: ٦١].

فقال الذين استكبروا للذين استضعفوا {لو هدانا الله لهديناكم} [إبراهيم: ٢١].

{وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادًا} [سبأ: ٣٣] فنتبرأ منكم وما كنتم تدعوننا إليه في الدنيا.

قال: ثم أقبلوا أجمعون على قرنائهم من الشياطين، فقالوا: أغويناكم كما غوينا، قال الشيطان عند آخر مقالتهم بصوت له عال: يا أهل النار {إن الله وعدكم وعد

<<  <  ج: ص:  >  >>