العباس، عن الأصبغ، عن نباتة عن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما-قال: بينما نحن في الطواف إذ سمعنا صوتًا وهو يقول شعرًا:
يا من يجيب دعاء المضطر في الظلم ... يا كاشف الكرب والبلوى مع السقم
قد بات وفدك حول البيت والحرم ... ونحن ندعو وعين الله لم تنم
هب لي بجودك ما أخطأت من جرم ... يا من أشار إليه الخلق بالكرم
إن كان عفوك لم يسبق لمجترم ... فمن يجود على العاصين بالنعم
قال الحسين بن علي -رضي الله عنهما-: قال لي أبي علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: يا حسين أما تسمع النادب ذنبه والمعاتب ربه، امض فعساك تدركه وناده، قال الحسين -رضي الله عنه-: فأسرعت حتى أدركته، وإذا أنا برجل جميل الوجه نقي البدن نظيف الثياب طيب الريح، إلا أنه قد شل جانبه الأيمن، فقلت: أجب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فقام يجر شقه حتى وقف على أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه فقال له: من أنت وما شأنك؟ قال: يا أمير المؤمنين ما شأن من أخذ بالعقوبة ومنع الحقوق؟ قال: وما اسمك؟ قال: منازل بن لاحق، قال: فما قصتك؟ قال: كنت مشهورًا في العرب باللهو والطرب، أركض في صبوتي ولا أفيق من غفلتي، إن تبت لم تقبل توبتي، وإن استقلت لم تقبل عثرتي، أديم العصيان في رجب وشعبان، وكان لي والد شفيق رفيق، يحذرني مصارع الجهالة وشقوة المعصية يقول لي: يا بني لله سطوات ونقمات، فلا تتعرض لمن يعاقب بالنار، فكم قد ضج منك الظلام، والملائكة الكرام والشهر الحرام والليالي والأيام، وكان إذا ألح علي بالعتب ألححت عليه بالضرب، فأبلغت إليه يومًا فقال: والله لأصومن ولا أفطر، ولأصلين ولا أنام فصام أسبوعًا ثم ركب جملًا أورق وأتى مكة يوم الحج الأكبر وقال: لأفدن إلى بيت الله الحرام ولأستعدين عليك الله، قال: فقدم مكة يوم الحج الأكبر، فتعلق بأستار الكعبة ودعا علي وقال:
يا من إليه أتى الحجاج من بعد ... يرجون لطف عزيز واحد صمد
هذا منازل لا يرتد عن عققي ... فخذ بحقي يا رحمان من ولدي
وشل منه بجود منك جانبه ... يا من تقدس لم يولد ولم يلد
قال: فو الذي رفع السماء وأنبع الماء ما استتم كلامه حتى شل جانبي الأيمن،