فظللت كالخشبة الملقاة بأرجاء الحرم، وكان الناس يغدون ويروحون علي ويقولون: هذا أجاب الله فيه دعوة أبيه.
فقال له -رضي الله عنه-: فما فعل أبوك؟ قال: يا أمير المؤمنين سألته أن يدعو الله لي في المواضع التي دعا علي فيها بعد أن رضا عني، فأجابني، فحملته على ناقة وجدت في السير حتى وصلنا إلى واد هناك يقال له واد الأراك، فنفر طائر من شجرة، فنفرت الناقة فوقع منها ومات في الطريق.
فقال علي -رضي الله عنه-: ألا أعلمك دعوات سمعتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: ما دعا بها مهموم إلا فرج الله تعالى عنه همه، ولا مكروب إلا فرج الله تعالى عنه كربه، فقال: نعم.
فقال الحسين بن علي -رضي الله عنهما-: فعلمه الدعاء، فدعا به وخلص من مرضه وغدا علينا صحيحًا سالمًا، فقلت للرجل: كيف عملت؟
قال: لما هدأت العيون دعوت به مرة وثانية وثالثة، فنوديت: حسبك الله فقد دعوت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى، ثم حملتني عيني فنمت، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منامي، فعرضتها عليه فقال -صلى الله عليه وسلم-: صدق علي ابن عمي، فيها اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى، ثم حملتني عيني مرة ثانية فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أريد أن أسمع الدعاء منك، فقال -صلى الله عليه وسلم-: قل اللهم إني أسألك يا عالم الخفية، ويا من السماء بقدرته مبنية، ويا من الأرض بعزته مدحية، ويا من الشمس والقمر بنور جلاله مشرقة ومضية، ويا مقبلًا على كل نفس مؤمنة زكية، ويا مسكن رعب الخائفين وأهل التقية، يا من حوائج الخلق عنده مقضية، يا من نجى يوسف من رق العبودية، يا من ليس له بواب ينادي، ولا صاحب يغشى، ولا وزير يؤتى، ولا غيره رب يدعى، ولا يزداد على كثرة الحوائج إلا كرمًا وجودًا، وصلى الله على محمد وآله، وأعطني سؤالي إنك على كل شيء قدير، قال: فانتبهت وقد برأت.
قال علي -رضي الله عنه-: تمسكوا بهذا الدعاء، فإنه كنز من كنوز العرش، وقد نقل مثل ذلك في زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وغيره مما يطول شرحه.
وفي الجملة لا ينبغي لذي لب أن يستهين بالمعاصي والمظالم ودعاء المظلوم، فقد قال