على فراق شهر البركة، وأجزل أقسامنا وأقسامكم من رحمته المشتركة، وبارك لنا ولكم في بقيته، وسلك بنا ربكم طريق هدايته برحمته وفضله ومنته.
اللهم وما قسمت في هذه الليلة من عتق وغفران، ورحمة ورضوان، وعفو وامتنان، وكرم وإحسان، ونجاة من النيران، وخلود في نعيم الجنان، فاجعل لنا منه أوفر الحظ وأجزل الأقسام برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم فكما بلغتنا شهر الصيام، فاجعل عامة علينا من أترك الأعوام، وأيامه من أسعد الأيام، وتقبل منا ما قدمناه فيه من الصيام والقيام، واغفر لنا ما افترقنا فيه من الآثام، وخلصنا من مظالم الأنام يوم لا يرجى فيه سواك يا علام يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا قد تولينا صيام شهرنا وقيامه على تقصير، وأدينا فيه من حقك قليلاً من كثير، وقد أنخنا ببابك سائلين، ولمعروفك طالبين، فلا تردنا خائنين، ولا من رحمتك آيسين، فنحن الفقراء إليك، الأسرى بين يديك، إليك توجهنا، ولمعروفك تعرضنا، ولبابك قرعنا، ومن فضلك سألنا، فارحم خضوعنا، واقبل خشوعنا، واجبر قلوبنا، واستر عيوبنا، واغفر ذنوبنا، وأقر برؤيتك في القيامة عيوننا، ولا تصرف وجهك الكريم عنا، واجعل عملنا مقبولاً، وسعينا مشكورًا، وحظنا في هذه الليلة موفورًا.
اللهم إن كان في سابق علمك أن تجمعنا في مثله فبارك لنا فيه، وإن قضيت بقطع آجالنا وما يحول بيننا وبينه فأحسن الخلافة على باقينا، وأوسع الرحمة على ماضينا، وعمنا جميعًا برحمتك وغفرانك، واجعل الموعد بحبوحة جنتك ورضوانك، مع الذين أنعمت عليهم {من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا}[النساء: ٦٩] برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وأهل القبور رهائن ذنوب لا يطلقون، وأسارى وحشة لا يفكون، وغرباء سفر لا ينتظرون، محت دراسات الثرى محاسن وجوههم، وجاورتهم الهوام في ملاحد قبورهم، فهم جمود لا يتكلمون، وجيران قرب لا يتزاورون، وسكان لحد إلى الحشر لا يظعنون، وفيهم محسنون ومسيؤون، ومقصرون ومجتهدون.
اللهم فمن كان منهم مسرورًا فزده كرامة وحبورًا، ومن كان منهم ملهوفًا فبدل حزنه فرحًا وسرورًا، اللهم وتعطف على كافة أموات المسلمين الراحلين، والمقيمين المتسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.