للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفترة خاصة ليست هي هذه التي زعمها المشركون ولا هي من قبيلها في شيء من الأوصاف المذكورة، إذن تكذيب القرآن، وما زعمه المشركون لا يصح أن يؤخذ منه نفيه لما في الحديث. (١)

ونحن قد ذكرنا قريباً الرد على ذلك، بأن غاية ما وقع للنبي -صلى الله عليه وسلم - من السحر إنما هو عارض بشري، كغيره من الأسقام البدنية، فهو لا يعارض عصمة التبليغ والبيان.

*الوجه الثالث:

إن المسحور الذي لا يتبع هو الذي فسد عقله، بحيث لا يدري ما يقول فهو كالمجنون، ولهذا قالوا فيه مُعَلَّمٌ مجنونٌ، فأما من أصيب في بدنه بمرض من الأمراض يصاب به الناس فإنه لا يمنع ذلك من اتباعه، وأعداء الرسل لم يقذفوهم بأمراض الأبدان وإنما قذفوهم بما يحذرون به سفهاءهم من اتباعهم، ... وهو أنهم قد سُحروا حتى صاروا لا يعلمون ما يقولون، بمنزلة المجانين ولهذا قال تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً} مثلوك بالشاعر مرة، والساحر أخرى، والمجنون مرة والمسحور أخرى. (٢)

٣ - وأما الطعن في الحديث فهو مردود على صاحبه:

فالقول في ذلك هو قول أئمة هذا الشأن من أهل الحديث وأحباره، وليس بقول من هم عالة عليه. فقد روى هذا الحديث الإمامان الجبلان: البخاري ومسلم، ممن أجمعت الأمة على قبول ما في كتابيهما، وتلقته بالقبول.

* ثم يقال كذلك:

إن من تكلم بالنقد على بعض الأحرف المروية في الصحيحين، كالإمام الدارقطني وأبي محمد بن حزم وأبي مسعود الدمشقي وأبي علي الجياني لم يتطرقوا بالتعقيب على ذلك الحديث.

وقال ابن القيم:

هذا الحديث


(١) انظر " ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر" (ص/١٣٢)
وهى رسالة لطيفة قد شرح فيها الشيخ مقبل الوادعي حديث سحر الرسول صلى الله عليه وسلم، ورد فيهاعلى شبهات الطاعنين فيه، وذكر فيها مرويات وشواهد للحديث.
(٢) بدائع الفوائد (٣/ ٢١)

<<  <  ج: ص:  >  >>