للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشعبي والطبري، وكذلك يفسر بهذا التفصيل قول من منعها منهم كالحسن البصري وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم. (١)

* فإن قيل:

قد روى قتادة أنه قال: قلت لسعيد بن المسيَّب: " رجل به طب، أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟

قال لا بأس، به إنما يريدون الإصلاح، فأما ما ينفع الناس فلم ينه عنه.

وعن قتادة عن سعيد بن المسِّيب أنه كان لا يرى بأساً إذا كان الرجل به سحر أن يمشي إلى من يطلق ذلك عنه، وقال: " لا بأس بالنشرة، إنما نهي عما يضر، ولم ينه عمَّا ينفع ". (٢).

*فالجواب أن يقال:

وأما أثر سعيد بن المسيِّب فليس فيما قاله ما يدل على أنه يجيز النشرة الممنوعة أو إتيان السحرة لحل السحر عن المسحور أو نحو ذلك، وحاشاه من ذلك.

فالنشرة التي أجازها إنما هي المشروعة منها فحسب، والتي هي من جنس الرقى والتعاويذ،

لا النشرة الممنوعة.

فمن تلك الروايات أن قتادة قال لسعيد بن المسيِّب: رجل طب بسحر، نحل عنه؟

قال: نعم، من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل ". (٣)

وأما توجيه قوله " لا بأس بالنشرة، إنما نهي عما يضر ولم ينه عما ينفع "، فيقال:

أن النشرة المشروعة تنفع بإذن الله ولا تضر، ولو كان مراده النشرة الممنوعة وإتيان السحرة ونحوهم لخالف دليله فتواه؛ لأن قوله: " إنما نهى الله عما يضر ":

يقتضي حرمة ذلك؛ لأن الشرع قد نهى عن تلك النشرة، وعن إتيان السحرة ونحوهم، وأي ضرر على العبد أعظم من تكذيبه بالقرآن، وعدم قبول صلاته أربعين ليلة؟!


(١) وانظر إعلام الموقعين (٤/ ٣٢٧) والتحصين من كيد الشياطين (ص/٩٥)
(٢) أخرجه الطبري في (التهذيب) وقال الحافظ: إسناده صحيح (المصدر السابق).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٥٧٤) بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>