للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان سعيد بن المسيِّب يفتي بقتل السحرة بعد إقرارهم (١)، فكيف يجوِّز إتيانهم؟!

فمن نسب إليه القول بجواز ذلك فقد قوَّله ما لم يقل، وأخطأ في فهم ما نقل عنه.

قال الشيخ سليمان بن عبدالله تعليقاً على أثر سعيد بن المسيب:

وهذا الكلام من ابن المسيب يحمل على نوع من النشرة لا يعلم هل هو نوع من السحر أم لا؟

فأما أن يكون ابن المسيِّب يفتي بجواز قصد الساحر الكافر المأمور بقتله ليعمل السحر، فلا يُظن به ذلك، حاشاه منه، ويدل على ذلك قوله: إنما يريدون به الإصلاح. فأي إصلاح في السحر؟! بل كله فساد وكفر، والله أعلم. (٢)

وأما قوله رحمه الله: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل»:

فمراده ما شرع الانتفاع به، فهو عام مخصوص لا حجة لهم فيه.

قال الحافظ:

وقد تمسَّك قوم بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها، ولو لم يعقل معناها، لكن دل حديث عوف: "لا بأس بالرقى، ما لم يكن فيها شرك" أنه ما كان من الرقى يؤدي إلى الشرك يمنع، وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك فيمتنع احتياطاً. (٣)

فكل رقية أو نشرة محرمة لا يشرع الانتفاع بها، لأنها داء وليست بدواء، وفي الحديث:

«من استطاع منكم أن ينفع أخاه»

وأي نفع في إتيان السحرة والكهان ونحوهم والاسترقاء برقاهم ونشرهم المشبوهة؟!. (٤)

* ثم يقال هنا:

مع التنزل أن أثر الإمام سعيد بن المسيِّب دال على مشروعية حل السحر بالسحر فغاية ما فيه أنه قول تابعي، ولم يقل أحد من أهل العلم، إن قول


(١) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٩٠٣٢) وابن حزم في المحلى (١١/ ٣٩٧) بإسناد لا بأس به.
(٢) تيسير العزيز الحميد (ص/٣٥٨)
(٣) فتح الباري (١٠/ ٢٠٦).
(٤) وانظر "النشرة " (ص/٢٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>