للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - عن عبد الله بن مسعود-رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». (١)

فأباح الشارع فعل طاعة عظيمة وهى الصوم بقصد قطع شهوة الشاب.

قال القرافي:

الفرق بين قاعدة الرياء في العبادات وبين قاعدة التشريك في العبادات:

من حيث إن التشريك فيها لا يحرم بالإجماع، بخلاف الرياء فيها فيحرم، هو أن التشريك فيها لما

كان بما جعله الله -تعالى- للمكلف في هذه العبادة، كمن جاهد لِيُحَصِّلَ طاعة الله بالجهاد

ولِيُحَصِّلَ السبايا والكراع والسلاح من جهة أموال العدو، وكمن صام ليصح جسده أو ليحصل زوال مرض، والصوم مقصود مع ذلك، وكمن يتوضأ بقصد التبرُّد أو التنظيف لم يضره في عبادته، ولم يحرم عليه بالإجماع؛ لأن جميع هذه الأغراض لا يدخل فيها تعظيم الخلق، بل هي تشريك أمور من

المصالح ليس لها إدراك ولا تصلح للإدراك ولا للتعظيم فلا تقدح في العبادات. (٢)

قال السيوطي:

ولو نوى الوضوء أو الغسل والتبرُّد، ففي وجه لا يصح للتشريك; والأصح الصحة; لأن التبرُّد حاصل: قصده أم لا، فلم يجعل قصده تشريكاً وتركاً للإخلاص، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها; لأن من ضرورتها حصول التبرد، ومنها: لو نوى الطواف وملازمة غريمه، أو السعي خلفه. (٣)

* ويبقى أن يقال هنا مسائل:

١ - الأولى:

أن من فعل العبادة خالصاً وقاصداً أجر الله -تعالى- وثوابه فقط أكمل وأفضل وأعظم أجراً ممن قصد مع الأجر الأخروي نفعاً دنيوياً، ولو كان ذلك تبعاً.

فمن خالطت نيّةَ جهاده نيةٌ أخرى غير الرياء، مِثْل أخْذه أجرة للخدمة، أو أخْذ


(١) متفق عليه.
(٢) أنوار البروق في أنواء الفروق (٣/ ٧٣٤)
(٣) الأشباه والنظائر (ص/٤٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>