للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء من الغنيمة، أو التجارة نَقَص بذلك جهاده، ولم يبطل بالكلية.

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو-رضى الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

««مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ، إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ، وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً، تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ». (١)

٢ - الثانية:

قد حمل الغزالي الإشراك في حديث الباب على الأمور الدنيوية التي لا رياء فيها، وأن الشخص إذا أوقع عبادة وأشرك فيها بين أمرين: " ديني، ودينوني "، فهو داخل تحت الوعيد المذكور في قوله تعالى:

" تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ "، وقد رجَّح مثل هذا ابن عبد السلام لظاهر الخبر. (٢)

*لكن يقال هنا:

أن هذا الإطلاق ليس مسلَّماً به؛ لأن حديث الباب إنما يراد به نوعٌ مخصوصٌ من الإشراك، وهو ما ابتغى به مراءاة الناس ومدحهم وثناؤهم على الفاعل، وإنما حملنا على هذا التخصيص ما ذكرنا من الأدلة السابقة التي أفادت مشروعية إشراك النفع الدنيوي مع الأعمال الأخروية.

٣ - الثالثة:

الطاعة إذا تمحَّضت فيها النية للنفع الدنيوي فقط لم يقع لصاحبها نصيب من الأجر، كمن يصوم لأجل الحمية والرجيم ولا يطلب الأجر، ويحج للتجارة فقط، ويخرج زكاة أموال لتنمو، ويخرج للجهاد للغنيمة، فهؤلاء أعمالهم باطلة.

قال تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا} [الإسراء: ١٨]

وعن أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ-رضى الله عنه- أن رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ، وَالرِّفْعَةِ، وَالنَّصْرِ، وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمِ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي


(١) أخرجه مسلم (١٩٠٦)
(٢) وانظر الفتح المبين بشرح الأربعين (ص/١٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>