للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفخ الرُّوح فيه، كما يُكتب رزق المولود وأجلُه وعملُه، وشقيٌّ هو أو سعيد بعدَ خلقِ جسده وقبلَ نفخ الرُّوح فيه". (١)

... من الفوائد المتعلقة بحديث الباب: مسألة القدر:

فقد ورد في حديث الباب: قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

«إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ: الْقَلَمُ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ، فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ...»، فدلَّ الحديث على أصل عظيم من أصول الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة، الذي هو إثبات القَدَر.

... ومعنى (الإيمان بالقضاء والقدر) في الشرع:

هو الإيمان بتقدير الله تعالى الأشياءَ في القِدَم، وعِلمِه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عندَه، وعلى صفات مخصوصة، وكتابتِه لذلك، ومَشيئتِه له، ووُقوعِها على حَسَبِ ما قَدَّرَها، وخَلْقِه لَهُ. (٢)

وهذا مما دل عليه: القرآنُ، والسُّنَّة، وإجماع الأمة:

وأما القرآن:

فقد قال الله -عزَّ وجلَّ-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، ولهذه الآية سبب في نزولها: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْقَدَرِ، فَنَزَلَتْ: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٨ - ٤٩]. (٣)

وقال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: ٥١]، وقال -عز وجل-: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢].

** وأمَّا السُّنَّة:

فقدْ عقدَ أئمة الحديث -كالبخاري ومسلم في صحيحَيْهِما كتاباً للقدر، اشتمل على عدة أحاديث في إثبات القدر، نذكر منها ما يلي:

عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ:

«احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا، خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ، قَالَ لَهُ آدَمُ: يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللهُ بِكَلامِهِ،


(١) الجواب الصحيح لمن بدَّلَ دين المسيح (ص/٣٨٢).
(٢) القضاء والقدر (ص/ ٣٩) - د. عبد الرحمن المحمود.
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٥٦)، وانظر أسباب نزول القرآن للنيسابوري (ص/٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>