للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو العز الحنفي:

ويا خيبة من ينفي وضع الموازين القسط ليوم القيامة، كما أخبر الشارع، لخفاء الحكمة عليه، ويقدح في النصوص بقوله: لا يحتاج إلى الميزان إلا البقّال والفوَّال!!

وما أحراه بأن يكون من الذين لا يقيم الله -تعالى- لهم يوم القيامة وزناً.

ولو لم يكن من الحكمة في وزن الأعمال إلا ظهور عدله سبحانه لجميع عباده، فإنه لا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، فكيف ووراء ذلك من الحكم ما لا اطلاع لنا عليه؟! (١)

* أقول:

ومهما تبارى العلماء في بيان الحِكَم التي من أجلها تنصب الموازين يوم القيامة، فغاية أقوالهم هي اجتهادات بنيت على إعمال النظر، فهي تحتمل الصواب والخطأ، وتبقى الحكمة الإلهية من نصب الموازين في علم الله عزوجل، (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى)، عَلِمها من عَلِمها وجهلها من جهلها، مع اليقين الجازم أنه الله -تعالى- لا يفعل إلا لحكمة "سبحانك ربنا وسعت كل شيء حكمة وعلماً".

* ومن الفوائد التي تتعلق بحديث الباب: " أحكام الموازنة يوم القيامة":

وهنا نذكر مسألتين: " الأولى: تعيين أصحاب الأعراف، الثانية: حكم من مات على الشرك الأصغر "

١ - أما المسألة الأولى: تعيين أصحاب الأعراف:

فقد ورد في تعيينهم أقوال كثيرة، تقرب من أربعة وعشرين قولاً، نذكر من أهمها ما يلي: (٢)


(١) شرح العقيدة الطحاوية (ص/٤١٢)
(٢) وقد توسَّع العلماء في ذكر هذه الأقوال، فذكر القرطبي في "التذكرة" (ص/٢٧٩) اثني عشر قولاً، وذكر مرعي الحنبلي في رسالة مستقلة لهذه المسألة سمَّاها "تحقيق الخلاف في أصحاب الأعراف" ذكر ستة عشر قولاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>