للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - القول الأول: هم مساكين أهل الجنة:

وينسب هذا القول لابن مسعود وكعب الأحبار، وذكره ابن وهب عن ابن عباس رضي الله عنه.

وقد روى الطبري عن ابن عباس-رضي الله عنها- قال:

"الأعراف"، سور بين الجنة والنار، وأصحاب الأعراف بذلك المكان، حتى إذا بَدَا لله أن يعافيهم، انْطُلِق بهم إلى نهر يقال له: "الحياة"، فأُلقوا فيه، حتى إذا صلحت ألوانهم، أتى بهم الرحمنُ فقال:

تمنَّوا ما شئتم، قال: فيتمنون، حتى إذا انقطعت أمنيتهم، قال لهم: لكم الذي تمنيتم ومثله سبعين مرة، فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، يسمَّون "مساكين الجنة ". (١)

* ولكن يردُّ هذا الوجه:

أن سنده لم يثبت مرفوعاً ولا موقوفاً، بل أخرجه أصحاب التفاسير بسند صحيح من قول عبد الله بن الحارث، وهو تابعي لا يعوّل عليه في مثل هذه المسائل الغيبية.

كما أن أهل الجنة ليس فيهم مساكين، بل الذي ثبت على خلاف ذلك، فقد قال تعالى عن أهل الجنة من قولهم (الحمدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥)) (فاطر: ٣٤ - ٣٥)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

«مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لَا يَبْأَسُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ». (٢)

٢ - القول الثاني:

أنهم الشهداء، وهذا القول عزاه الشوكاني إلى القشيري. (٣)

٣ - القول الثالث:

أنهم قوم كانوا قد قُتلوا في سبيل الله عصاة لآبائهم في الدنيا،


(١) قال ابن كثير: ورد عن عبد الله بن الحارث من قوله، وهذا أصح. وانظر تفسير القرآن العظيم (٣/ ٢٥٦) وجامع البيان في تأويل القرآن (٨/ ١٩٣)
قلت:
أثر عبد الله بن الحارث في سنده حبيب بن أبي ثابت وقد عنعنعه، وقد رماه ابن خزيمة وابن حبان بالتدليس.
(٢) أخرجه مسلم (٢٨٣٦)
(٣) وانظر التذكرة بأمور الآخرة (ص/٢٨٤) وفتح القدير (٢/ ١٩٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>