(يُشركَ) فعل مضارع منصوب بأن المصدرية، فأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر، هذا المصدر إن قدَّرناه نكرة صار (إشراكاً به)، كانت هذه النكرة في سياق النفي المتقدِّم في قوله {لا يغفر}، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، كما هو مقرر في بابه من علم الأصول، فيكون تقدير الكلام:" إن الله لا يغفر أيّ إشراكٍ به "، فيدخل الشرك الأصغر في هذا العموم، وعليه يستحق صاحبه العذاب، فلا تشمله المشيئة التي في آخر الآية.
قالوا:
فهذا يدل على أن الشرك الذي نفت الآية مغفرته هو الشرك الأكبر والأصغر، لكن مع الفرق في المآل، فصاحب الشرك الأكبر مخلَّد في النار، وأما صاحب الشرك الأصغر فهو داخلٌ في الموازنة، ثم مآله إلى الجنة.
*ومعنى الموازنة:
١ - أن من غلبت حسانته على سيئاته فإنه لا يعذَّب على الشرك الأصغر، بل ينقص من حسناته بقدر ما يمحى به هذا الشرك فيدخل الجنة، وهذا لا بد فيه من حسنات عظام حتى ترجح حسانته على سيئاته، والتي فيها شرك أصغر.
٢ - وأما إن غلبت سيئاته، والتي فيها الشرك الأصغر، ولم تفِ الحسنات لتكفير هذا الشرك الأصغر، فلا بد أن يعذَّب على هذا الشرك، ثم يكون مآله إلى الجنة خالداً فيها، بعد وقوع التطهير له بالعذاب، فالجنة لا تدخلها إلا النفس المؤمنة الطاهرة من شوائب الشرك كما جاء في الخبر. والله اعلم.
* ومن أدلة السنة:
١ - ما رواه جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْمُوجِبَتَانِ؟، فَقَالَ: