للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ ". (١)

ووجه الدلالة ظاهر في قوله صلى الله عليه وسلم: " منْ مات يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا":

فهي من أعم العمومات، وهي نكرة في سياق الإثبات فتفيد الإطلاق؛ أي أنَّ مطلق الشرك يوجب دخول النار، فيدخل فيه الأصغر.

٢ - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

... «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا». (٢)

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وأكثر علماء الدعوة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وأعظم الذنوب عند الله -تعالى- الشرك به، وهو سبحانه لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، والشرك منه جليل ودقيق، وخفي وجلي. (٣)

ويقول بعبارة أصرح من السابقة:

" وقد يقال: الشرك لا يغفر منه شيء لا أكبر ولا أصغر على مقتضى القرآن، وإن كان صاحب الشرك -أي الأصغر- يموت مسلماً، لكن شركه لا يغفر له، بل يعاقب عليه، وإن دخل بعد ذلك الجنة ". (٤)

٢ - القول الثاني:

أن صاحب الشرك الأصغر يدخل تحت المشيئة؛ ويكون تأويل قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به) (النساء: ٤٨)، أن قوله "أن يشرك": المكوّن من أن والفعل المضارع، فتقوم هي والفعل الوارد بعدها مقام المصدر من حيث المعنى، ويقدَّر معرفةً (الإشراك به)، فينصرف لفظ الإشراك إلى الشرك المعهود ذكره في القرآن وهو الأكبر فتكون (ال) للعهد


(١) متفق عليه.
(٢) أخرجه مسلم (١٩٩)
(٣) جامع الرسائل (٢/ ٢٥٤)
(٤) الرد على البكري (تلخيص كتاب الاستغاثة) (ص /١٤٦)،

<<  <  ج: ص:  >  >>