للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكري، وعليه يكون الشرك الذي نص عليه في الآية بأنه لا يُغفر هو الشرك الأكبر، ويبقى الشرك الأصغر داخلاً تحت عموم المشيئة.

* يؤيده:

أننا وجدنا بالاستقراء أنّ الشرك الوارد في أكثر النصوص عند الإطلاق يراد بالشرك فيها الشرك الأكبر، دون الأصغر، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى:

(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥)) (الزمر: ٦٥)، وقال تعالى (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة: ٧٢)

فهذه مواطن لا يراد بها الشرك الأصغر بالإجماع؛ لأن حبوط العمل وتحريم دخول الجنة إنما يكون لمن مات على الشرك الأكبر.

* يؤيده:

أنّا وجدنا أنّ الشرك الأصغر يخالف الشرك الأكبر في كثير من الأحكام؛ منها:

١ - أنّ الشرك الأكبر يُخرج من الملة، أمّا الشرك الأصغر فلا يخرج من الملة.

٢ - أنّ الشرك الأكبر موجِب للخلود في النار لمن مات عليه، أمّا الشرك الأصغر فليس موجباً للخلود في النار لمن مات عليه، حتى لو دخل النار فإنه يُخرَج منها.

٣ - أنّ الشرك الأكبر لا يدخل تحت الموازنة، فمن مات على الشرك الأكبر فليس له عمل صالح حتى يدخل تحت الموازنة، بخلاف الشرك الأصغر فإنه يدخل تحت الموازنة بالاتفاق، حتى الذين يقولون إنه لا يُغفر ولا يدخل تحت المشيئة يقولون يوضَع في الميزان.

*إذن وجدنا أنّ الشرك الأصغر يخالف الشرك الأكبر في أكثر أحكامه، ولم تبق إلا هذه المسألة، وهي مسألة محتمِلة بالنسبة للآية؛ فلأن تُلحَق ببقية المسائل أولى من أن تلحق بالشرك الأكبر في

مسألة واحدة.

*وهذا هو الراجح، والله أعلم، ويجاب عن أدلة القول الأول من وجوه:

١ - الوجه الأول:

أنَّ آيتي (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به) وردتا في سياق الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>