على أهل الكتاب والمشركين والمنافقين، وهؤلاء شركهم أكبر، فناسب أن يكون الحديث في عدم المغفرة عن الشرك الأكبر، لا الأصغر.
٢ - الوجه الثاني:
لو تنزَّلنا أن قوله تعالى (لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) دالٌ على عموم نوعيّ الشرك، فهذا من العام الذي أريد به الخصوص، فيكون المراد بهذا العموم خصوص الشرك الأكبر دون غيره، وأما ما دون الشرك الأكبر، فإنه داخل تحت المشيئة.
* وأما الجواب على ما استدلوا به من قوله صلى الله عليه وسلم:
"من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار "
فيقال: لا يلزم منه الجزم بدخول صاحب الشرك الأصغر النار، وإلا للزم مثله في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فوعيد الله -تعالى- بإدخال النار أقواماً هو من حيث العموم لا الأعيان؛ والله -تعالى- يُنجز وعده، وأما وعيده فإنْ شاء أنجزه، وإنْ شاء تركه.
* ثم يقال:
ومما يرجّح دخول الشرك الأصغر تحت المشيئة أن يصدر من خواص الأمة؛ إذ لا يسلم منه غالبًا إلاَّ من عصمه الله تعالى، وهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، لذا فالقول بعدم دخوله تحت المشيئة مما يوقع عموم الأمة في الحرج الشديد.
* ثم يقال:
إن شيخ الإسلام ابن تيمية قد ذكر تفصيلاً آخر، فقد قال:
والشرك نوعان: أكبر وأصغر: فمَنْ خلص منهما وجبت له الجنة، ومَنْ مات على الشرك الأكبر وجبت له النار، ومَنْ خلص من الأكبر وحصل له بعض الأصغر مع حسنات راجحة على ذنوبه دخل الجنة، ومَنْ خلص من الشرك الأكبر ولكن كبُرَ شركه