للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصغر حتى رجحت به سيئاته دخل النار.

فالشرك يؤاخذ به العبد إذا كان أكبر، أو كان كثيراً أصغر؛ فالأصغر القليل في جانب الإخلاص الكثير لا يؤاخذ به، والخلاص من الأكبر ومن أكثر الأصغر - الذي يجعل السيئات راجحة على الحسنات - فصاحبه ناجٍ، ومن نجا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله ورجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة. (١)

فواضح من كلامه -رحمه الله تعالى- أنَّ الشرك الأصغر منه الكثير الذي إنْ رجحت به السيئات دخل صاحبه النار، وإن كان يسيراً وكانت حسنة التوحيد بإخلاص وصدق وعبودية ورجحت حسناته دخل الجنة؛ فالمغفرة وعدمها مبنية على رجحان الحسنات أو السيئات، ويؤثر في ذلك كثرة الشرك الأصغر أو قلته.

ويقول ابن القيم:

فأما نجاسة الشرك فهي نوعان: نجاسة مغلَّظة ونجاسة مُخَفَّفَة، فالمغلَّظة الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله تعالى، فإن الله -تعالى- لا يغفر أن يشرك به، والمخففة الشرك الأصغر كيسير الرياء. (٢)

وقال: "الشرك الأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه ". (٣)

* تنبيه مهم:

المسألة وإن كانت خلافية بين أهل السنة، فإن هذا يوجب الخوف من الشرك على جميع أقسامه، كبيره وصغيره، فيخشى المرء أن يقع في الشرك الأصغر من حيث لا يدري، كيسير الرياء والحلف بغير الله، إن لم يقصد قائله تعظيم غير الله -تعالى- كتعظيم الله تعالى، أو تعليق التمائم، وقول الرجل "ما شاء الله وشئتَ"، وكذلك نسبة المطر إلى النوء على سبيل السببية، وغير ذلك. (٤)


(١) وانظر " تفسيرآيات أَشكلت على كثير من العلماء" (ص/٣٦٤)
(٢) وانظر إغاثة اللهفان (١/ ٩٨) والجواب الكافي (ص /١٧٧)
(٣) مدارج السالكين (١/ ٣٣٩)
(٤) قد وضع الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- ضابطاً للشرك الأصغر بما يلي:
" كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشرك الأكبر، من الإرادات والأقوال والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة "، ... وانظر القول السديد في مقاصد التوحيد (ص/ ٤٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>