للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الخليل الأول الذي هدَّم الأصنام على روؤس أصحابها يخشى الفتنة على نفسه فيدعو ربه قائلاً {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}، فمن يأمن الفتنة بعد إبراهيم عليه السلام؟!

* وختاماً: فقد طاشت السجلات:

ترى يا صاحب البطاقة حدِّثنا: أيُ إخلاصٍ هذا الذي وافيتَ به ربك عزوجل، أي يقينٍ، أي صدقٍ في شهادتك حتى تطيح بهذه السجلات الذي بلغت تسعة وتسعين سجلاًّ، مائة إلا واحداً؟!

ما الذي وقرَّ في قلبك حتى يرجح عند ربك؟!

فكم من أناس وافوا ربهم بالشهادة، ولكنَّ سيئاتهم قد رجحت فدخلوا النار، حتى أدركتهم شفاعة الشافعين.

قال أبو العباس ابن تيمية عن صاحب البطاقة:

فهذه حال من قالها -أي الشهادتين- بإخلاص وصدق، كما قالها هذا الشخص، وإلا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار كلهم كانوا يقولون: لا إله إلا الله، ولم يترجّح قولهم على سيئاتهم، كما ترجَّح قول صاحب البطاقة. (١)

وقال رحمه الله:

فهذا لما اقترن بهذه الكلمة من الصدق والإخلاص والصفاء وحسن النية؛ إذ الكلمات والعبادات وإن اشتركت في الصورة الظاهرة فإنها تتفاوت بحسب أحوال القلوب تفاوتاً عظيماً، ومثل هذا الحديث الذي في حديث: المرأة البغيّ التي سقت كلباً فغفر الله -تعالى- لها؛ فهذا لما حصل في قلبها من حسن النية والرحمة. (٢)

قال ابن رجب:

فإن كمل توحيد العبد وإخلاصه لله فيه، وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه وجوارحه، أو بقلبه ولسانه عند الموت، أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها، ومنعه من دخول النار بالكلية، فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه،


(١) منهاج السنة النبوية (٦/ ٢٢٠)
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٧٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>