للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخيرًا...

هذا جُهْدُ المُقِلِّ، قد أنفقتُ فيه جُهدي، وبذلت وُسْعي، وقد سطَّرته وأنا أعلمُ أنّه عملٌ بشريٌّ يعتريه الخطأ والتقصير، وهذا المعنى قد ذكره الله- عز وجل- في قوله- تعالى-:

{... وَلَوْ كَانَ من عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢].

وفي هذا المعنى قال الصَّحابيُّ الجَليل عبد الله بنُ مسعود رضي الله عنه:

"فَإِنْ يَكُ صَوَابًا فمِنَ اللَّهِ وإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ". (١)

وأمّا أنا فقد اعترفتُ بقُصوري فيما اعتمدتُ عن الغاية، وتقصيري عن الانتهاء إلى النهاية، فأسأل الناظرَ فيه ألّا يعتمد العَنَتَ ولا يقصدَ قَصْدَ مَن إذا رأى حسنًا سَتَرَهُ، وعيبًا أَظْهَرَهُ، ولْيتأمَّلْهُ بعين الإنصاف لا الانحراف، فمَن طلبَ عيبًا وَجَدَّ وَجَدَ، ومَن افتقد زَلَلَ أخيه بعين الرِّضا فقد فَقَدَ. (٢)

*فيا أَيها القارئ لِما سطَّرتُه والناظرُ فيه، هذه بِضاعةُ صاحِبِها المُزْجاةُ مَسُوقةٌ إليك، وهذا فَهْمُهُ وعقله معروضٌ عليك، لك غُنْمُهُ، وعلى مؤلِّفه غُرْمُهُ، ولك ثمرتُه، وعليه عائدتُه، فإنْ عَدِمَ منك حمدًا وشكرًا، فلا يَعْدَم منك مَغفرةً وعُذْرًا، وإِنْ أَبَيْتَ إلا المَلامَ فبابُه مفتوح. (٣)

فاللهَ- تعالى- أسألُ أن يتقبل هذه الورقات بقَبولٍ حَسَنٍ، وأنْ يُنبتها- نشرًا وعملًا بين المسلمين- نباتًا حسنًا، وأن يجعلها خالصة لوجهه- تعالى- ولا يجعلَ لأحدٍ فيها شيئًا.

ولا يفوتُني أن ألتمس مِن كل من قرأ هذا الكتاب أن يتفضل مشكورًا بإبداء نُصحه وملاحظاته؛ فإنَّ المؤمن مِرْآة أخيه المؤمن، والله -تعالى- في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، واللهَ -تعالى-أسألُ أنْ يوفقَنا لِما فيه الصواب.

وَنَادَيْتُ أللَّهُمَّ يَا خَيْرَ سَامِعٍ... أَعِذْنِي مِنَ التَّسْمِيعِ قَوْلًا وَمِفْعَلَا

إِلَيكَ يَدِي مِنْكَ الأَيَادِي تَمُدُّهَا... أَجِرْنِي فَلا أَجْرِي بِجَوْرٍ فَأَخْطَلَا


(١) سنن أبي داود (٢١١٦).
(٢) مُعجَم الأدباء (١/ ١٦).
(٣) طريق الهجرتين (ص/٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>