للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نور وجه الله- تعالى- وبين خلْقه.

وقد خالف في ذلك دُعاةُ التنزيه، فقالوا:

١ - إن الله يَسْتحيلُ عليه أن يحيط به حجاب؛ إذ يَلزم منه أن يكون مقدَّرًا محصورًا، فيحتاج إلى مقدِّر ومخصِّص، ويَلزم منه حُدوثُه!!

٢ - وإن الحجاب ليس على حقيقته، بل المراد أن الله - تعالى- لا يَخلق في العينِ الرؤيةَ له سبحانه.

٣ - وإن المراد بالحجاب المنصوصِ عليه في الآثار حجابٌ معنوي، وليس حجابًا حسّيًّا. (١)

*فالجواب الإجمالي أن يقال:

لا شك في بُطلان هذه المَزاعم؛ فالحجاب الذي ورد في حديث الباب هو من الغيبيات التي لا مَجال لنفيها بناءً على مقدِّمات باطلة، ودعاوَى ساقطةٍ.

فكم جَنَتْ حَبائلُ التنزيه المزعوم على نصوص الوحي، فأوْدت بها في غَيابات التعطيل!

فأهل السنة عَمِلوا بالآثار، فأثبتوا ما جاءت به النصوص، وأمّا النفاة فقد ضاقت فُهومُهم ولم يرفعوا لها رأسًا، فشَتّانَ بينَ أفهامٍ تاهت في بئرٍ معطَّلة، وأخرى تَحيا في قَصْرٍ مَشيد.

*ومن حيث التفصيلُ يقال: إن الحجاب يأتى في اللغة على معنيينِ:

١ - حجاب معنوي:

كما في قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: ٤٥]

فالحجاب ها هُنا حجاب معنوي مستور عن الأعيُن،


(١) وقد ذكرَ هذه الأوجُهَ ابنُ حجر في الفتح، وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية جميعَ هذه الفِرَى مِنْ نحوِ أربعينَ وجهًا. وانظر فتْح الباري (١٣/ ٦١٠) وبيان تلبيس الجهمية (٨/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>