للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أعوذ بوجهك» فيه إثبات الوجه لله عز وجل؛ فقد ورد ذكره في مقام الاستعاذة به، والاستعاذة لا تكون بمخلوق.

-وَعَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللهَ- تعالى- أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا- عليه السلام- بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فقال منها: ... وَإِنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فلَا تَلْتَفِتُوا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ». (١)

-وعن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ- رضي الله عنه- قال:

"كَانَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو فيقولُ: اللهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي، أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ". (٢)

* الإجماع:

قال ابن خُزيمة:

"فنحن وجميعُ علمائنا مِن أهل الحجاز وتهامةَ واليمَن والعراق والشام ومصرَ مذهبُنا: أنّا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه، نُقرّ بذلك بألسنتنا، ونصدّق ذلك بقلوبنا، مِن غيرِ أن نشبِّه وجهَ خالقنا بوجهِ أحدٍ من المخلوقين. عزَّ ربُّنا عن أن يُشْبِهَ المخلوقين، وجلَّ ربُّنا عن مَقالة المعطّلينَ". (٣)

قال أبو الحسَن الأشعري:

"فمن سألَنا فقال: أتقولون: إنّ لله سبحانه وجهًا؟ قيل له: نقول ذلك، خِلافًا لِما قاله المبتدعون، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٧] ". (٤)


(١) أخرجه أحمد (١٧١٧٠)، والترمذي (٢٨٦٣)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".
(٢) أخرجه أحمد (١٨٣٢٥)، والنسائي (١٣٠٥)، وصححه الألباني.
(٣) التوحيد (ص/ ١١).
(٤) وانظر الإبانة عن أصول الدِّيانة (٢/ ١٠٠٤)، والآثار الواردة عن السلف في العقيدة (١/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>