للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* المخالفون في هذا الباب:

صفة "الوجْه" من صفات الذات الثابتة لله تعالى بنصوص الكتاب والسنة، ودلالتُها عليها في غاية الصراحة والوضوح، ولذلك لم يجد بعضُ المؤوِّلة سبيلًا إلى تأويلها:

*فالمعتزلة:

قالوا: وجْه الله هو ذاته، لا غير.

ومنهم من يثبت الوجه توسُّعًا، وليس على سبيل إضافة صفة إلى موصوف. (١)

قال القاضي عبد الجبّار:

"وقد يُذكر الوجْه ويراد به ذات الله، وقد يقول القائل لغيره، وقد سألَه حاجةً: أُحِبُّ أن تفعل ذلك لوجه الله، أيْ تقرُّبًا إلى الله". (٢)

*وأما الأشاعرة- وهم من رُوَّاد منهج التأويل-:

فقد خالفوا إمامهم أبا الحسن الأشعريَّ، فعطَّلوا صفة الوجه، وحرَّفوا نصوصها بأنواع من التأويلات، مع أن بعضهم يُصرِّح بأنّه لا سبيل إلى تأويل هذه الصفة، كما يقول ابن فُورَك الذي تصدَّى لتأويل أحاديث الصفات على مقتضَى العقل، يقول عن صفة الوجه:

"اعلمْ أنّ إطلاق وصْف الله -عز وجل- بأنّ له وجهًا- قد وردَ به نصّ الكتاب والسنة، وذلك من الصفات التي لا سبيل إلى إثباتها إلا من جهة النقل... وذهب أصحابنا إلى أن الله- عز وجل- ذو وجهٍ، وأن الوجه صفة من الصفات القائمة به". (٣)

وكذلك قد نقلَ شيخ الإسلام ابن تيمية عن القاضي الباقلّاني إثباتَه لصفة الوجه على الحقيقة، قال شيخ الإسلام:

"وقال القاضي أبو بكرٍ الباقلّانيُّ، وهو أفضل المتكلمين


(١) وانظر مقالات الإسلاميين (ص/ ١٠٠).
(٢) وانظر تنزيه القرآن عن المَطاعن (ص/ ٥٢)، والتأويل في الصفات (ص/ ١٨٧).
(٣) وانظر مُشكلُ الحديث وبيانُه (ص/ ٣٥٦)، ودفْع إيهام التشبيه (ص/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>