للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنتسبين إلى الأشعريّ، في كتاب «الإبانة» تصنيفه: فإن قال:

فما الدليل على أنّ لله وجهًا ويدًا؟ قيل له: قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٧٢]، وقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]، فأثبتَ لنفسه وجهًا ويدًا.

فإن قال: فلمَ أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحةً إذ كنتم لا تَعقلون وجهًا ويدًا إلا جارحةً؟ قلنا: لا يجب هذا، كما لا يجب إذ لم نعقل حيًّا عالِمًا قادرًا إلا جِسمًا أن نَقضيَ نحن وأنتم بذلك على الله سبحانه". (١)

في حين أنه قد ذهب جماعة آخرون من أئمة الأشاعرة إلى صرْف هذه النصوص عن دلالتها بتأويلها عن ظاهر معناها، كما فعل البَغدادي والآمِدِيّ اللّذينِ أوَّلا الوجهَ بالذات. (٢)

*الرد على المخالف:

لا شكَّ في أن منهج التأويل منهج ضالّ، وذلك لجنايته على العقيدة الإسلامية الصحيحة التي نهَجها أئمة السلف الذين أثبتوا ما أثبته الله- تعالى- لنفسه وأثبته له رسوله- صلى الله عليه وسلم-، فأثبتوا صفة الوجه صفةً لله- تعالى- على ما يليق بجلاله وعظمته، {ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١].

* أمّا الفريق الأول من الأشاعرة الذين أثبتوا لله - تعالى- الوجه:

فانظرْ كيف يتلاعبُ فسادُ المنهج بأصحابه! حيث ترى أنّ من أثبت الوجه لله


(١) الفتوى الحَمَوية الكبرى (ص/ ٥٠٨).
(٢) وممن ذهب إلى هذا القول: النووي، فقد قال في شرحه على مسلم: "والمرادُ بالوجهِ الذاتُ"، وقال: "لو أزال المانعَ من رؤيته، وهو الحجابُ، وتجلَّى لخَلْقه لَأحرقَ جَلالُ ذاته جميعَ مخلوقاته".
وانظر المنهاج (٢/ ١٨)، وأصول الدين (ص/ ١١٠)، وغاية المَرام في علم الكلام (ص/ ١٤٠)، ومقالات الإسلاميين (١/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>