للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَنْعَتَهُ " (١)

وعن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان يقول: «اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكَّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليها ومولاها...» (٢)،

والشاهد من هذا الحديث هو قوله: «اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكَّها...»؛ فالفاعل هو الله -تعالى-، فهوالذي يُطلب منه ذلك.

قال أبو العباس ابن تيميةَ:

"ومما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها مع إيمانهم بالقضاء والقدر، وأن الله خالقُ كلِّ شيء، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه يُضل من يشاء، ويَهدي من يشاء... " (٣).

... وهُنا إشكال في قوله -تعالى-: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: ١٤]، فهل مِن خالقٍ مع الله؟

*والجواب أن يقال:

أنّ الخلق يطلق على فِعل الرب، ويُطلَق كذلك على فعل العبد، فأما إطلاق الخلق في فعل الله - تعالى - فعلى معنيين:

١ - المعنى الأول: خلقٌ هو إيجاد من العدم:

وهذا لا يكون إلا لله - تعالى- وحده، وهذا ما ورد في قوله تعالى {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [النحل: ١٧]، وقال -تعالى- بعد ذكره لخلق السماوات والجبال (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) (لقمان: ١١)، وقوله عَزَّ وَجَلَّ في الحديث القدسي:

... «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ شَعِيرَةً». (٤)

٢ - المعنى الثاني: خلقٌ هو ٢ - خلق خلق إيجادلعدم:

:

٢ - المعنى الثاني: خلقٌ هو تحويل الشيء من صورة إلى صورة:

فيكون إطلاق لفظ "الخلق" هنا بمعنى الصنع والتقدير، فالعرب تسمِّي كل صانع خالقاً: وهذا المعنى


(١) أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (٢٥) وابن أبي عاصم في السنة (٢٥٧، ٣٥٨)، وصححه الألباني في الصحيحة (١٦٣٧).
(٢) رواه مسلم (٢٧٢٢).
(٣) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٥٩).
(٤) أخرجه البخاري (٧٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>