قال عبد الجبار في ابتداء جلوسه للمناظرة سبحان من تنزَّه عن الفحشاء، فقال الأستاذ مجيباً: " سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء "، فقال عبد الجبار: أفيشاء ربنا أن يعصى؟ فقال الأستاذ أيعصى ربنا قهراً؟ فقال عبد الجبار: أفرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أم أسا؟ فقال الأستاذ: إن كان منعك ما هو لك فقد أسا، وإن منعك ما هو له فيختص برحمته من يشاء. فانقطع عبد الجبار. وانظر طبقات الشافعية الكبرى (٤/ ٢٦٢). (٢) لذا يقول القاضي عبد الجبار المعتزلي: قوله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) يدل على قولنا فى العدل؛ لأنه بين أن هؤلاء الكفار الذين عدلوا عن طريقة الدين فاستحقوا العقاب والهلاك، هم الذين ظلموا أنفسهم، وأنه تعالى إذا عاقبهم لم يكن ظالما لهم، ولو كان الأمر على ما تقوله المجبرة لم يصح أن ينزِّه نفسه عن الظلم، مع أن جميعه من قبله، ولا يصح أن ينفى عن نفسه فعل الظلم، وهو الخالق له، ويضيفه إلى من لم يفعله! وانظر "متشابه القرآن" (ص/٣٦٤)