هؤلاء فهُم مبتدعون ضالّون، لكنهم ليسُوا بمنزلةِ أولئكَ؛ وفي هؤلاء خلقٌ كثير من العلماء والعُبّاد كُتِبَ عنهم العلمُ، وأخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ لجماعةٍ منهم؛ لكن مَن كان داعية إليه لم يُخْرِجوا له". (١)
* الرد على القدرية:
اعلمْ أولاً أن أصل الخلط والسقط عند القدرية إنما هو في: عدم تفريقهم بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية؛ فلا شك أن الله -تعالى- يُبغض الكُفر والفُسوق والعِصْيان، ولكنه قدَّر وجود هذه الأشياء لحِكَمٍ بليغة، وذلك وفْق إرادته الكونية، لا الشرعية؛ ولو أنهم فهِموا الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية لَنَجَوْا مِن تلك الفتنة!
*أولاً: الإرادة الكونية:
هي مُرادِفةٌ للمشيئة، وهذه الإرادة تَسْتلزم وقوعَ المُراد، ولا يَلزم أن يكون مرادها محبوباً لله مُرْضِياً له، بل قد يكون مكروهاً مسخوطاً له، ككُفر الكافرين، ومعاصي العاصين، ووجود المفسدين، وقد يكون معناها محبوباً مُرضياً لله -تعالى-، كوجود إيمان المؤمنين،، وطاعات الطائعين، ووجود رسل الله وعباده المخلصينَ.
الثانية: الإرادة الشرعية:
وهي إرادة دينية يحبها الله تعالى، ويَرضاها لعباده، وهي غير لازمة التحقُّق.