للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب الجَبريَّة مِن أخبثِ المذاهبِ وأَبْطَلِها؛ لأنه يجعل الله -تعالى- ظالماً لعباده. نعوذ بالله من الخذلان!

*ومن شبهات الجَبريَّة:

الأولى: استدلالهم بقوله -تعالى-: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧].

على أن الفعل ليس للإنسان، وإنما هو لله تعالى؛ لأن الله -تعالى- هو الذي رمى!

**وقد رد أهل السنة عن هذه الشبهة:

بأنّ المعنى: ما أَصَبْتَ الهدف، ولكن الله -تعالى-هو الذي وفَّقَ لإصابته؛ فأنت الذي رمَيتَ، والله -تعالى- هو الذي وفَّقَ للإصابة، بدليل: أنه -تعالى- أثبتَ لرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذاتَ الفعل، وأضافه له، فقال: "إذ رميتَ) "

٢ - الثانية:

قالوا: إنَّ العمل ليس سبباً في دخول الجنة؛ وذلك لما روى أَبِو هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- أن رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

«قَارِبُوا وَسَدِّدُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْتَ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ» (١)

الرد على هذه الشبهة:

قد بيَّن الله -تعالى- أن الأعمال الصالحة أسبابٌ لدخول الجنة، كما قال: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: ٣٢]، وقال -تعالى-: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤)) (الحاقة: ٢٤)

*وأما الحديث: (وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ):

فهو يبين أن دخولهم الجنة ليس بمجرد العمل، والمعنى:

لن يدخل أحدكم الجنة عوضاً عن عمله، فيستحق الجنة، كما يستحق الأجير أجره، بل الدخول برحمة الله تعالى، فالباء المنفية في الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم: "بعمله": هى باء العِوض والمقابلة.

وأما الباء المثبتة قوله سبحانه: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢)} فهى باء


(١) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>