للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْحَامِلاتِ وِقْراً}

[الذاريات: ١ - ٢]، فقال عمر: أنت هو؟ فقام إليه، فحَسَرَ عن ذراعيه، فلم يَزَلْ يَجلِده حتى سقطت عمامته، فقال: والذي نفسي بيده، لو وجدتك محلوقاً لَضربتُ رأسك، أَلْبِسوه ثيابَه، واحْمِلُوه على قتب، ثم أَخْرِجوه حتّى تَقْدُموا به بلادَه، ثُمَّ لْيَقُمْ خطيبٌ، ثمَّ لْيَقُلْ:

إنّ صبيغاً طلبَ العلمَ فأخطأَ، فلم يَزَلْ وضيعاً في قومه حتى هَلَكَ وكان سيّدَ قومِه. وهو ظاهر الدلالة على ما ذهب إليه مالك. (١)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"الشيء قد يُمنع سماعُه لبعض الجُهّال وإنْ كان متفَقاً عليه بين علماء المسلمين". (٢)

** ولكنّ القول ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية:

"وأما إنْ قيل: إنّ مالكاً كرِه التحدُّثَ بذلك مُطلَقاً فَهَذَا مَرْدُودٌ على مَن قالَه؛ فقدْ حدَّثَ بهذه الأحاديثِ مَن هم أجلُّ مِن مالكٍ عند نفسه وعند المسلمين، كعبد الله بن عمرَ، وأبي هريرة، وابن عباس، وعطاء بن أبي رَباحٍ، وقد حدَّثَ بها نظراؤه، كسفيان الثوريّ، والليث بن سعد، وابن عُيينة؛ والثوريُّ أعلمُ من مالكٍ بالحديث، وأحفظه له". (٣)

*فرع: معنى الصورة:

الصورة في اللغة: الشكل، والهيئة، والحقيقة، والصفة، فكل موجود لا بد أن يكون له صورة.

قال ابن الأَثير: "الصُّورة تَرِد في كلام العرب على ظاهرها، وعلى مَعْنَى: حقيقة


(١) [قاعدة مهمة فيما ظاهرُه التأويلُ من صفات الرب] (ص/٨٧). وأثرُ عمرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قد أخرجه الآجريّ في [الشريعة] (١/ ٢١٠)، وابن بَطّة في [الإبانة] (٣٣٠)، وسنده صحيح.
(٢) [بيان تلبيس الجهمية] (٦/ ٤٤٥).
وقد ترجم البخاري لمثل هذا المعنى، فقال -رحمه الله-فى الصحيح: "باب مَن تركَ بعض الاختيار مَخافَةَ أنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بعضِ الناسِ عنهُ، فيقعوا في أشدَّ مِنْهُ"، وفي باب آخر قال:
"باب مَن خَصَّ بالعِلم قوماً دُونَ قَوْمٍ كَراهِيَةَ ألّا يَفهموا"، وأوردَ بعدَه قولِ عليٍّ: "حدِّثوا الناسَ بما يَعرفون! أتُحبّونَ أن يكذَّب اللهُ ورسولُه؟! ".
وانظر [الضعفاء الكبير] (٢/ ٢٥١)، و [عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن] (ص/١٠).
(٣) [دقائق التفسير] (٢/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>