للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء وهيئته، وعلى معنى: صفته". (١)

فأهل السنة قد أثبتوا صفة الصورة لله -عز وجل- على ظاهرها، وقالوا بمعناها على مقتضاها في لغة العرب، فالصورة في اللغة غير مجهولة، وكيفيتها غير معقولة، والإيمان بها واجب، والسؤال عنها بدعة، وإنما لم يتعرَّضِ السَّلَفُ للكلام عن الكيف لأنّ الكَيْف مجهولٌ.

** أما ما نُقل عن بعض الأئمة من القول بتفويض معنى الصورة -كالنووي، والذهبي (٢) - فهو خلاف ما ثبت عن جماهير السلف: فالصورة ليست حروفاً لا يُعلم معانيها كما يقال -مثلاً -في الحروف المقطَّعة "الم" أو "عسق"، بل الصورة في اللغة معلومة.

وأما المفوِّضة فقد جعلوا الصفات -ومنها صفةُ الصورة- من حيث المعنى: كالحروف المقطَّعة.

*وقد نصَّ الإمام الآجريّ على صحيح قول جماهير السلف في صفة الصورة، فقال:

"هذه من السُّنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها، ولا يقال فيها: كيف؟ ولِمَ؟ بل تُستقبل بالتسليم والتصديق وترْك النظر، كما قال مَن تقدَّمَ من أئمة المسلمين". اهـ. (٣)


(١) [النهاية] (٣/ ٥٩).
(٢) قد نصَّ النوويُّ أن: جمهور السلف على ترك التعرض لمعنى الصورة، حيث قال:
"وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: «فإنَّ اللهَ خلقَ آدمَ على صُورته» فهو من أحاديث الصفات... وأنّ مِن العلماء مَن يُمسك عن تأويلها، ويقول: نؤمن بأنها حق، وأنّ ظاهرَها غيرُ مرادٍ، ولها معنًى يَليق بها. وهذا مذهب جمهور السلف، وهو أحوطُ وأسلمُ" ا. هـ.
[المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحَجّاج] (١٦/ ١٦٥ - ١٦٦).
وممن قالوا بذلك: الإمام الحافظ الذهبيّ، حيث قال:
"أما معنى حديث الصورة فنرُدُّ عِلمه إلى الله ورسوله، ونَسكُتُ كما سكتَ السلفُ، مع الجَزْمِ بأنّ الله ليس كمثله شيءٌ". [ميزان الاعتدال] (٢/ ٤٢٠)
وفي موضعٍ آخرَ في كتابه [سير أعلام النبلاء] (٥/ ٤٥٠) قال عَقِبَ حديثِ الصورة:
"فنؤمن، ونفوِّض، ونُسَلِّم، ولا نخوض فيما لا يَعنينا، معَ عِلمِنا بأن الله ليس كمثله شيء". اهـ.
* وكذلك قال المباركفوري:
"ذهبَ السلفُ في أمثال هذا الحديث -إذا صحَّ-: أنْ يُؤمَنَ بظاهره، ولا يفسَّر بما يفسَّرُ به صفات الخلق، بل يُنفى عنه الكيفية، ويُوكَل عِلمُ باطنه إلى الله تعالى" [تحفة الأَحْوَذِيّ] (٩/ ٧٣).
وكل هذا كلامٌ فيه نظرٌ.
(٣) وانظر [الشريعة] (رقم/٧٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>