وهنا سؤال: إذا كان هذا هو القول الراجح، فما تأويل الحديث؟
*والجواب:
أن الله -تعالى- خلق آدم -عليه السلام- على صورته، أي: على صورة الله عز وجل، ولكن ليست الصورة كالصورة، فلله -تعالى- صورة، وله وجه، وله يد، وله عين... ، والله -عز وجل- خلق آدم على صورته، ولكن ليست اليد كاليد، وليست العين كالعين، وليس الوجه كالوجه، والقاعدة هنا أنّ التساوي في الاسم لا يستلزم التساوي في المسمَّى.
*ومثاله:
أنني حينما أقول للإنسان يد، وللفيل يد، فهل استلزم من تساوي الاسم وقوع التساوي في المسمَّى؟!
، وحينما أقول:" أمسكت بيد أخي"، فهذا لا يشبه بوجه قولى "أمسكت بيد الإبريق"، فهذه مخلوقات تشابهت بينها الأسماء دون الدلالات، فكيف بالفارق بين الخالق والمخلوق؟!!
* وكذلك مُطلَق المشابَهة لا يستلزم المشابَهة المطلَقة، فوجود مشابَهة بين الله -تعالى- وعباده في
الأسماء لا يستلزم المشابَهة المطلَقة الكاملة فى ذات المسمَّى، فقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«خلقَ اللهُ آدمَ على صورته» يقتضي نوعاً من المشابهة، ولا يقتضي تماثلاً في حقيقة ولا قدْر، ومن المعلوم أنّ الشيئين المخلوقين قد يكون أحدهما على صورة الآخر مع التفاوُت العظيم بين جنس ذاتيهما وقدر ذاتيهما.
** قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما:
" لا يُشبه شَيءٌ مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء"، وفي رواية:"ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماءُ". (١)
وهذا مصداقاً لقوله تعالى عن أهل الجنة (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا)(البقرة: ٢٥)}، يعني في اللون والمرأى وليس يشبه في الطعم.
فإذا كانت المشابهة بين ما في الدنيا وما في الجنة لا تكون إلا في الأسماء فحسْب،
(١) رواه ابن جَرير في تفسيره (١/ ٦٦)، وصححه الألباني في [صحيح الترغيب] (٣٧٦٩).