للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي مخلوقات مِن خلْق الله -عز وجل-؛ فما بالُكَ في الفارق بين الخالق والمخلوق؟!

فالذين يفرّون من حديث الصورة لم يعرفوا مِن إثبات الصفات إلا ما كان لازِمُه التشبيه، ففرُّوا من الإثبات، فوقعوا في التعطيل!

وفي قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ " (١)، هل معنى ذلك أنهم يدخلون في صورة القمر، لا رؤوس لهم، ولا عيون، ولا مَلامِح؟!

- ٣ ومن الفوائد المتعلقة بحديث الباب:

إثبات الصورة لله -عز وجل-:

وهي صفة ذاتية خبرية لله -عز وجل-، وقد ثبتت بالسنة والإجماع، ومن أدلة ثبوتها:

١ - حديث الباب، وذلك على ما ذكرْنا ورجّحنا أنَّ الهاء تعود إلى الله -عز وجل-، وذلك في قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ على صُورَتِهِ»، وما ذكرناه من صحة رواية «على صُورةِ الرَّحْمَنِ».

٢ - وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

«­أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ ...» (٢).

قال أبو يَعْلَى: "قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رأيتُ ربِّي في أحسنِ صُورةٍ»، هذا فيه جواز إطلاق الصورة على الله تعالى". (٣)

٣ - وعن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنَّ ناساً قالوا لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يا رسول الله، هَلْ نَرَى ربَّنا يَوْمَ القيامةِ؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟»، قالوا: لا يا رسول الله... ... ... وفيه:

«يَجْمَعُ الله الناسَ يومَ القيامةِ، فيقولُ: مَن كان


(١) متفق عليه.
(٢) أخرجه أحمد (٣٤٨٤)، والترمذي (٣٢٣٣)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح. سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(٣) [إبطال التأويلات] (١/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>